الماضي يحاكم الحاضر

الماضي يحاكم الحاضر
أخبار البلد -   اخبار البلد 
 

من يتأمل قليلاً في ما حصل ويحصل في العالم العربي، منذ «ربيعه» يلاحظ أن الماضي الذي صحا يحاصر الحاضر ويحاسبه. محاسبة تعتمد قوانين من خارج الاجتماع البشري، لا تقيم وزناً لأي مسيرة تاريخية، ولا تتأثر بالزمان والمكان. أزليتها لا تجادل، والقائمون عليها قضاة محاربون لهم «النصر أو القبر»، وغالباً ما يكون القبر لغيرهم. النقاش معهم بلغة الحاضر ومفاهيمه لا يستقيم فلهم لغتهم ومصطلحاتهم الخاصة يستلونها مما قبل التاريخ وما بعده بقليل. حقوق الإنسان لا وجود لها في قاموسهم فالإنسان عبد. الحريات العامة خاصة بأقلية ضئيلة تفرض سلطتها على الآخرين. الحريات الخاصة خاضعة لسلطات عليا تقرر المباح والممنوع. المرأة كائن موجود لخدمة السيد وإذلال العدو بسبيها. الديموقراطية دعوة شيطانية. المجتمع وجد لخدمة الدولة. الاقتصاد منظم منذ القديم، لا حاجة إلى تجديده. التعليم يكون بالابتعاد عن العلوم لأنها من عمل الشيطان. الطفل ممنوع من الفرح، يُعدّ لحمل السلاح. العقل مجرد أداة لتمجيد الماضي وزجه في الحاضر لتعطيل أي تقدم.

 

 

هذا بعض من صورة ما خبرناه خلال «الربيع العربي»، صورة تحولت إلى واقع في أفغانستان، ثم في العراق وليبيا وتونس وسورية، جسدتها «القاعدة» و «داعش» وفروعهما التي لا تحصى. لم يكن لهذه التنظيمات من عمل سوى تدمير ما تقع عليه أيديها من تراث، حتى وإن كان تمثالاً أو كتاباً أو مبنى لا يتطابق مع رؤيتها «المعمارية». جمدت هذه التنظيمات الزمن عند حقبة لا يعرف قادتها عنها سوى ما يخدم توجهاتهم. لم يطلعوا على الفلسفة الإسلامية ولا على علم الكلام ولا على النقاشات الكثيرة التي سادت العصر العباسي، وهو ذروة الانفتاح على العلم. ولم يقرأوا عن العصر الأموي والانفتاح على الثقافات المحلية في بلاد الشام ومصر وغيرهما من البلدان التي فتحت.

 

 

بعيداً من «الربيع»، هنك تجربتان حديثتان في الحكم خاضهما الإخوان المسلمون بعقلية ماضوية، لكن كلتاهما قادت إلى تقسيم المجتمع والدخول في حروب أهلية: الأولى تجربة «العدالة والتنمية» في تركيا وهي الأكثر رسوخاً. والثانية تجربة حزب «الحرية والعدالة» في مصر.

 

 

وللإخوان في الدولتين الأكثر تأثيراً في تاريخ المنطقة جذور قديمة، وهم الأكثر تنظيماً بين الأحزاب ويشتركون في مناهضة محاولات التحديث التي أرساها مصطفى كمال أتاتورك بعد سقوط السلطنة والخلافة، والحكم الملكي ثم عبد الناصر. في تركيا وصل «التنمية والعدالة» إلى الحكم بعد صراع طويل مع الجيش (حامي العلمانية) وخاض صراعات كثيرة مع سائر الأحزاب القومية واليسارية إلى أن تمكن من الإمساك بمفاصل الدولة وبدأ عهداً جديداً من «تربية» المجتمع، كما خاض صراعات داخلية أسفرت عن إبعاد قادة تاريخيين (عبدالله غل مثالاً) وبدأ عهداً جديداً مع أردوغان الذي غير قيادة الجيش والشرطة وكل المؤسسات الأمنية، ثم بدأ مسيرة جديدة من التدخل في شؤون الدول المجاورة، خصوصاً سورية ومصر، محاولاً فرض برنامج الإخوان في البلدين. لكنه اصطدم بمجتمعين مختلفين. فلم يكن أمامه سوى دعم العنف والحروب فيهما، غير عابئ بانتقالها إلى داخل بلاده، فالمهم خدمة الأيديولوجيا. وها هي تركيا على شفير حرب أهلية بين مكوناتها التي تشبه المكونات السورية إلى حد بعيد.

 

 

أما في مصر فتولى محمد مرسي الحكم وكان أكثر حماسة من أردوغان لأخونة الدولة والمجتمع فبدأ مثل «أخيه» التركي بعزل قضاة ومسؤولين وتعيين محازبيه بدلاً منهم، فاصطدم بالدولة العميقة وكانت التظاهرات التي عمت مصر ضده إلى أن تدخل الجيش وحسم الأمر وزج به في السجن.

 

 

الإخوان في تركيا وفي مصر لا يختلفون عمن يطلق عليهم لقب المتشددين ويجري استخدامهم لتقويض هذا البلد أو ذاك، إلا في أنهم أكثر تمرساً بالسياسة وأفضل تنظيماً، لكنهم يشبهونهم في أنهم يستخدمون الماضي وأدواته لإدانة الحاضر، والنتيجة أمام أعيننا: دمار شامل للمجتمعات وتفتيتها وإعادتها إلى طفولتها.


شريط الأخبار الحروب تكشف أسباب فصل رئيس المجلس المركزي ونائبه و7 من أعضاء حزب العمال اعتباراً من الغد ... بدء مشروع صيانة جزء من الطريق الصحراوي منخفض جوي يقترب من سماء الأردن الجمارك تُحذر من صفحات تدعي مزادات عبر روابط وهمية ورسائل احتيالية محكمة صلح جزاء جرش توقف ملاحقة رجل ضرب زوجته ضربا مبرحا في الشارع العام بسبب طلبها "علبة لبن" فرصة لتوظيف حملة بكالوريوس التمريض بالأردن للعمل في ألمانيا.. (رابط تقديم) مزاد علني لبيع 1620 شقة في الأردن - رابط - اعلام عبري: إجلاء جنود جرحى من غزة ب5 مروحيات بلدية إربد تنقل التجربة البرازيلية في مجال ألعاب الأطفال الى أولى حدائقها الاحتلال يشدد الإجراءات ويعرقل دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء (سبت النور) السعودية.. سحب لقب "معالي" من "المتورطين في جرائم الخيانة والفساد" عاجل مزاد علني لبيع 1620 شقة في الأردن - رابط صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على القطاع دراجة "شرطي سير" تثير الفزع في الصويفية نضال منصور يعلق على ترتيب مؤشر الأردن الجديد للحريات الإعلامية البنك الاسلامي الاردني يحصد جائزة أفضل بنك اسلامي في الاردن لعام 2023 سماء المملكة على موعد مع ذروة شهب غداً القبض على 34 مطلوبا ومروجا للمخدرات بإربد والعقبة والبادية الشمالية مستشفى الاستقلال يتألق مجددًا بحصوله على شهادة اعتماد وحدة تصوير الثدي للمرة الرابعة على التوالي عدد سكان الأردن يتضاعف بأكثر من 6 ملايين بآخر عقدين