"بيت أبو محمّد"!

بيت أبو محمّد!
أخبار البلد -  



قطعتان طويلتان من الخشب، وقطعتان قصيرتان، ولوح من الصفيح (الزينكو)، وبضعة مسامير، ثم كان يصير للبيت باب!
كان البيت نوعاً من المجاز، وكذا الباب.
لكننا كنا نحاول أن نثبت ملكيتنا الهزيلة تلك بأي طريقةٍ طفولية، فنروح نكتب على الصفيح بالطباشير البيضاء: "هذا بيت أبو محمد"!
وكان نصف رجال المخيَّم على الأقلّ يحملون هذا "الاسم"!
لكنَّه بطريقةٍ سحريةٍ ما، كنا نعرف من لكنة من يتحدث أي "أبو محمد" يقصد!
الحياة كلّها كانت نوعاً من المجاز المريع، لم يكن ثمة حقيقة سوى: الماضي.
حين يسهر اللاجئون معاً، يتحدثون عن "إقطاعياتهم" التي تركوها خلفهم، وبيوتهم التي كانت لها سقوف وأبواب ونوافذ.
يتحدثون والريحُ تخضُّ حيطان الصفيح. المطرُ إذاً سيبللُ وجوهَ النائمين بعد قليل، ذلك أنه لم يأخذُ – ولو مرةً - بعين الاعتبار ملابسنا القليلةَ وأجسادنا المرتجفةِ من البرد.
نقفُ أمام بيوتنا نصفقُ لأولِ زخةِ مطر ونلقي برؤوسنا للخلف، فاتحينَ أفواهنا على عطشها، فتصيبُ الحلوقَ بضعُ قطراتْ ... .. تدغدغ أرواحنا التي شققها الجفافْ.
المطرُ كان ضيفاً مشتهى، وكنا نخرجُ لاستقباله كما لو كان أخاً عائداً منَ الخليج!
لم نتعظْ كثيراً أو قليلاً بالحياةِ التي عَلِقَتْ في الشقوقِ وفي انغلاقِ الأبوابْ، وانهمكنا في تخليصِ القدمينِ الطريتينِ من شَرَكِ فكرةٍ مُغريةْ!
يا إلهي كم كانَ يتوردُ خشبُ الباب اذا ما خشخشت المفاتيحُ في جيوبنا!
في الليالي الباردة، كنا نحملُ البابَ إلى فِراشنا، هَلعينَ أن يبردَ البابُ؛ وأن يشيخ. كان يحزنُ إن نأتْ عنهُ أصواتُ أقدامنا، وتصيبهُ البهجةُ حين نخربشُ عليه بالطباشير أسماءنا: "هذا بيتْ أبو محمدْ"!
فيصيرُ ابناً يحفظُ أسرارَ العائلةْ، يُسلِّمُ على الضيوف، ويتذمرُ إن أفرطوا في السهرْ، ويريحُ رأسه المثقلَ آخرَ الليلِ على عتبتِنا وينامْ!
نوقظُهُ مع الأولادْ، ونرشُّ بين يديهِ الماءَ، وننفضُ عن قدميهِ الغبار، ونلعنَهُ إنْ
انغلقَ على أكُفِّ أشقائهِ الصغارْ، فيعتذرُ وينسحبُ مختنقَ "الحَلْقَ" بالصَريرْ!
كان ابناً غالياً قبلَ أن يقضمَ خطانا ويموتْ.
كان بابُ الحياةِ موارباً، لم يندفعْ من الضوءِ ما يكفي، ولم ينسربْ من العتمةِ ما يخيفْ!
يدُ الأمِّ - تباركَ ذِكرُها - كانت تخلطُ الترابَ بالحنينْ؛ لترمِم العتبةَ المرتجفة.
نلمُّ لها الحَصى والحجارةَ الصغيرةَ، ترُصُّها في الأرضِ وترشُّها بالماءْ، وتهيلُ عليها الطين ... لتُمسِدُها بكفِها الراضية.
كانت تؤثثُ الطريقَ تحتَ إبطِ البابْ، وتحثُه أنْ يبارِكنا، وتجلسُ في فيئِه آخرَ النهار تلملمُ ما تعثرَ من خُطانا لتغسلَهُ بالدعواتْ!
تباركتْ قدماها حين لمْ تعودا تحملانها، وتقوسَ الظهرُ الذي هَدّهُ انتظارُ الغائبين ...
لكنَّهُ ما انهدَّ، ولا تنهَدَّ مرةً واحدةً مِنْ ضَجَرٍ سيدي البابْ.
الباب الذي كنا رغم طفولتنا نُحسُّه يرتجف إذا ما خربشَ ولدٌ على الصفيح: "عائــــــدون"!

 
شريط الأخبار مدرب النشامى يشيد بمساندة الأميرين علي وهاشم “الهجرة الدولية”: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم أول تشخيص لإصابة يزن النعيمات النشامى يتفوقون ويهزمون العراق .. إلى نصف نهائي كأس العرب الكرك والسلط الأعلى هطولًا .. المنخفض الجوي يرفع الأداء المطري فتح باب التقديم للدورة الأولى من جائزة زياد المناصير للبحث العلمي والابتكار 14.39 مليار دينار قيمة حركات الدفع عبر "إي فواتيركم" خلال 11 شهرا من العام الحالي ولي العهد : كلنا مع النشامى انخفاض قيمة الشيكات المرتجعة 17% حتى نهاية تشرين الثاني خلال أقل من 24 ساعة .. 9 وفيات بحادثي اختناق منفصلين بغاز التدفئة في الهاشمية - الزرقاء تجارة الأردن: ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية يؤكد قوة الاقتصاد الوطني جمهور النشامى .. مين بعرف شو احتفالية يزن نعيمات اليوم رح تكون ؟ نفوق سلحفاة كبيرة على شاطئ الغندور في العقبة -صور الأرصاد توضح تفاصيل حالة الطقس لـ3 أيام مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين ينعى الزميل الأستاذ بسام علي الياسين رغم الرسوم الأميركية .. صادرات الأردن تحافظ على زخم قوي في 2025 إخلاء منزل تعرض لانهيار جزئي في الشونة الشمالية الكشف عن بديل توني بلير لرئاسة مجلس السلام في غزة غزة: غرق عشرات المخيمات وانهيارات منازل على وقع خروقات اسرائيلية علاجات منزلية لإزالة قشرة الشعر بطريقة طبيعية وطرق تحضيرها