أخبار البلد -
إن الفعل الذي أخذ منه مصطلح الإقتصاد هو فعل إقتصد بمعنى إدّخر ووفّر والاقْتِصَادُ هوعلم يبحث في الظواهر الخاصة بالإنتاج والتوزيع ,واللِّيبراليّة الاقتصاديَّة هي نظريّة اقتصاديَّة تتبع سياسة عدم التدخُّل والسوق الحرّة , بينما الاقتصاد السِّياسيّ هو علم يهتمّ بدراسة القوانين التي تتحكَّم في عمليّة الإنتاج وتوزيع الوسائل التي يُشبع بها الإنسانُ حاجاته , والإقْتِصاد الإجتماعيّ هو مَجْموع المعارف الخاصّة بالوَضْع العُمّاليّ وتحْسينه ,والإقْتِصاد المُوجَّه هو نظام تتولَّى فيه الدَّولةُ توجيهَ الاقْتِصاد ومسئوليَّة الأمور الاقْتِصاديّة بكاملها ,واقتصاد السُّوق هي حركة الإنتاج والتوزيع والتبادل وفق قواعد الاقتصاد الحرّ ، المعتمِد على حرّيّة التجارة ورأس المال بعيدًا عن قبضة الدَّولة , والإقتصاد المختلط هو اقتصاد يجمع بين صفات الاقتصاد الموجّه والاقتصاد الحرّ أي بين صفات النظام الاشتراكي والنظام الرأسمالي وكل تلك المعاني تصب في الغالب في علاقة الإنسان بالمادّة او المال مهما اختلفت اصناف الأنظمة الرأسمالية ام الإشتراكيّة ام الإسلامية ولا تأخذ في الإعتبار سلامة البيئة او حياة الإنسان في تلك العلاقة.
ومن ناحية اخرى فقد ارتبط مفهوم الأمن القومي للدولة في الماضي بالأمن العسكري، ولذلك كان التركيز على بناء قوة قادرة على التعامل مع الأخطار الخارجية باستخدام الأعمال العسكرية، ولكن التفسير الشامل للأمن القومي في الوقت الراهن هو قدرة الدولة على تأمين استمرار مصادر قوتها في كل المجالات بما فيها المجال الاقتصادي لمواجهة المخاطر التي تهددها وتأمين متطلبات الحياة الأساسية لأبنائها في الحاضر والمستقبل، ويرتبط هذا التأمين بتلوث البيئة أو الاستخدام الجائر للموارد الذي قد يؤدي إلى خلل داخلي وانهيار عناصر قوة الدولة، ولذلك أصبح التحدي الذي يواجه العالم على المستوى الوطني أو الإقليمي أو العالمي يتعلق بالتوفيق بين النمو الاقتصادي والسكاني من ناحية، وبين الحفاظ على العناصر الأساسية للحياة من خلال الحفاظ على البيئة من ناحية أخرى, ومن هنا أصبحت المشاكل البيئية من الممكن أن تهدد الأمن القومي من خلال التأثير على الانتعاش الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، بل إن تأثير مشاكل البيئة امتد إلى تغيير مفهوم الأمن العالمي الذي انتقل من "توازن القوى والردع والتعايش السلمي والأمن الجماعي" إلى مفهوم آخر هو "الأمن المشترك" والذي يقوم على أن الأمن الحقيقي لا يمكن توافره إلا من خلال التعاون والتنسيق بين جميع الدول حتى الأعداء، وذلك لأن تدمير البيئة من خلال النشاط الاقتصادي يؤدي إلى الضعف الاقتصادي والاجتماعي وتهديد نوعية الحياة للإنسان على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ومن ثم يصبح التنافس بين الدول أكثر ضراوة، ويؤدي إلى نشوب توترات سياسية، ولذلك أصبح هناك تداخل بين المشاكل الاقتصادية والسياسية من جانب، وبين المشاكل البيئية من جانب آخر, ولم يعد من الصواب أن نقول إن التنمية التي تتعدى الحدود الطبيعية تعتبر تلوثًا، وإنما الصحيح أن نقول إن تلوث البيئة يمنع التنمية أصلاً، فتلوث المياه يفسد الزراعة. كما لم يعد من الصواب أن نقول فقط إن النزاعات الداخلية أو فيما بين الدول تؤثر على البيئة، بل الصحيح أن نقول إن تدهور البيئة يؤدي إلى اشتعال الصراعات بين الدول.
وقد أدى إدخال البعد البيئي في مجال الاقتصاد إلى تغير مفهوم التنمية الاقتصادية من مجرد زيادة استغلال الموارد الاقتصادية النادرة لإشباع الحاجات الإنسانية المتعددة والمتجددة إلى مفهوم "التنمية المستدامة " وهي التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون الجور على قدرة الأجيال القادمة في تحقيق متطلباتهم، فالتنمية المستدامة لا تمنع استغلال الموارد الاقتصادية كالمياه والثروات والموارد الطبيعية الأخرى، ولكنها تمنع الاستغلال الجائر لهذه الموارد بالدرجة التي تؤثر على نصيب الأجيال القادمة من هذه الموارد، وخاصة إذا كانت موارد غير متجددة كالنفط مثلاً.
لقد تم إدخال مفهوم الاقتصاد الأخضر والتنمية الخضراء في قواعد النظام العالمي الجديد، فأصبحت المعايير البيئية من أهم الشروط التي يجب توافرها في السلعة حتى تدخل إلى الأسواق العالمية، وأصبح من حق بلدان العالم منع دخول سلعة معينة إلى أسواقها لأن الدولة المنتجة لها لا تراعي البعد البيئي عند إنتاج هذه السلعة كالسلع الملوثة للبيئة، أو السلع التي يقوم إنتاجها على أساس الاستغلال الجائر للموارد، أو تؤثر على التوازن البيئي؛ كتجارة العاج المأخوذ من الأفيال، أو الفرو المأخوذ من الحيوانات النادرة، أو السلع التي يمكن أن تضر بالصحة الإنسانية كالسلع الزراعية أو الفواكه التي يستخدم في إنتاجها أسمدة كيماوية معينة كاليوريا أو ترش بمواد كيماوية أو تستخدم طرق الهندسة الوراثية أو التعديلات الجينية في إنتاجها، ولذلك أصبحت المصانع والمزارع في أغلب بلدان العالم حريصة على وضع علامة على منتجاتها توضح أن هذه المنتجات خضراء أو أنتجت بطريقة آمنة بيئيًا, كما ظهرت مؤسسات دولية لمنح شهادات دولية للمصانع والمزارع المراعية للجوانب البيئية مثل شهادة الأيزو 14000 وغيرها0.
و مفهوم الاقتصاد الأخضر لا يحل محل مفهوم التنمية المستدامة، ولكن نتيجة الإقتناع المتزايد بأن تحقيق التنمية المستدامة المطلوبة لن تتحقق إلا عن طريق الترويج لفكرة الاقتصاد الأخضر بعد عقود من تدمير البيئة عن طريق الاقتصاد البني (الذي هو عكس الاقتصاد الأخضر والمبني علي التنمية الملوثة للبيئة)، ولن يكون بمقدورنا تحقيق الأهداف التنموية للألفية دون تحقيق الاستدامة المعتمدة بدورها على فكرةالاقتصادالأخضر,والذي يمكن الاستفادة منه في الدول النامية عن طريق الزراعة الخضراء التي تركز علي المساحات الصغيرة والتي من الممكن أن تخفض الفقر، وكذلك الاستثمار في الطبيعة التي يعتمد عليها الفقراء، كالمحميات والصيد وغيرها,وزيادة الاستثمارت في الأصول الطبيعية التي يستخدمها الفقراء في حياتهم اليومية ,والاعتماد علي الطاقة المتجددة لأنها تساعد في حل مشكلة فقر الطاقة ,وكذلك الترويج للسياحة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية غير الملوثة للبيئة، لأنها تعتمد علي دعم الاقتصاد المحلي وحل مشكلة الفقر , لذلك فإنّ الاقتصاد الأخضر لديه القدرة علي تحقيق التنمية المستدامة ومحاربة الفقر علي نطاق واسع، ويمكنه تحقيق النمو وفتح فرص للعمل كالاقتصاد البني، إضافة الى اهتمامه بالجوانب البيئية والاجتماعية عكس الإقتصاد البني.
مما لا شك فيه أن الأزمة الأقتصادية والمالية العالمية عام 2008 القت بظلالها في العالم النامي وذلك من خلال الأزمات في الغذاء، و الماء، والطاقة، والنظام البيئي والمناخ وغيرها , هذه الأزمات مجتمعة أضعفت الجهود لتحقيق أهداف التنمية واعادت عملية التطور التي حصلت في العقود الماضية الى الخلف.
تلك الأزمة الأقتصادية والمالية العالمية كانت تتطلب وقفة جماعية من المجتمع الدولي لمواجهتها، وعلى الأقتصاديات المتقدمة والرائدة مواصلة وتقوية التنسيق لبرامجها التحفيزية لإنعاش النمو الأقتصادي العالمي، هذا عدا عن الجزء المتعلق في معالجة الحاجات الملحة فيما يتعلق بشبكة الأمان الأجتماعي، والصحة، والتعليم وغيرها، وهذه البرامج يجب أن يكون أساسها متيناً فيما يخص المشاركة في النمو والتنمية المستدامة، هذا بالإضافة الى أنه يتوجب على المجتمع الدولي ضمان وجود الإمكانات المادية للدول النامية حتى تستطيع البدء ببرامجها التشجيعية، ومساعدتها في الوصول الى الأسواق العالمية لإستئناف تجارتها.
الأقتصاد الأخضر هو نموذج جديد من نماذج التنمية الأقتصادية السريعة النمو، والذي أساسه يقوم على المعرفة للاقتصاديات البيئية والتي تهدف الى معالجة العلاقة المتبادلة ما بين الأقتصاديات الأنسانية و النظام البيئي الطبيعي، والأثر العكسي للنشاطات الأنسانية على التغير المناخي، والاحتباس الحراري، وهو يناقض نموذج ما يعرف بالأقتصاد الأسود والذي أساسه يقوم على الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز الطبيعي, فالأقتصاد الأخضر يحتوي على الطاقة الخضراء والتي تكون على أساس توليد الطاقة المتجددة، بدلاً من الوقود الأحفوري، والمحافظة على مصادر الطاقة واستخداماتها كمصادر طاقة فعالة، هذا عدا عن أهمية نموذج الأقتصاد الأخضر في خلق ما يعرف بفرص العمل الخضراء، وضمانة النمو الأقتصادي المستدام والحقيقي، ومنع التلوث البيئي، والأحتباس الحراري، وأستنزاف الموارد والتراجع البيئي.
وأما الأستثمار الأخضر فحتى تتمكن الدول النامية الأستثمار من خلاله، فعليها طلب المساعدة المالية، وهي حاجة ملحة، ولذلك نجد أن قادة العالم عزموا على الوفاء بالتزاماتهم إتجاه الدول النامية وخصوصاً الدول الأكثر عرضة للخطر ، وذلك من خلال قادة مجموعة الثماني ومجموعة العشرين، وتنوعت المساعدات ومن خلال زيادة دعم ميزان المدفوعات، والتمويل التجاري، والإستدانة من البنوك .
كما أن الأنتقال الى الإقتصاد الأخضر يتطلب معرفة بالتنمية المستدامة، وبما تحتويه من مهارات وظيفية وأنظمة صحية جديدة. وعلى جميع المعنيين مضاعفة الجهود في عملية التدريب وعلى مستوياتها المهاراتية المختلفة، والأهتمام يجب أن يعطى الى المجموعات الفقيرة والمهددة، بما فيها المرأة، والشباب، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الزراعية,أما بالنسبة لبرامج التدريب للوظائف الخضراء، فيجب أن تتكامل مع المشاريع التعليمية الرسمية وغير الرسمية, هذا عدا عن نقل المهارات والمشاركة في الخبرات.
وفي الأردن حيث أنشأت وزارة البيئة مديريّة خاصة للإقتصاد الأخضر, إذ يمكن أن يؤدي الاقتصاد الأخضر إلى رفد الإيرادات بمبلغ 1.3 مليار دينار، واستحداث50 ألف فرصة عمل، وتحسين إدارة الموارد في الأردن على مدى فترة 10 سنوات ,وتشمل القطاعات الرئيسية المستهدفة للاقتصاد الأخضر الطاقة، والمياه، والنقل، وإدارة النفايات والزراعة والسياحة .
وسوف يتطلب المزيد من التقدم نحو الاقتصاد الأخضر توفير الحوافز المالية وتحسين الإدارة الحكومية، وإشراك كافة الجهات المعنية .
وحيث ينفق الأردن حوالي13٪ من الناتج المحلي الإجمالي على واردات الطاقة، وكانت مصر توفِّر حوالي 80٪ من احتياجات الطاقة في الأردن وتوقف ذلك منذ سنوات لكثرة الإعتداءات على الخط الناقل مما كلف الخزينة الكثير بحيث ارهق الموازنة وتعاظمت المديونية, علما بأنّه فقط 4٪ من الطاقة يتم انتاجها محليا,ومن المتوقع أن ينمو الطلب على الكهرباء بنسبة 7٪ سنويا حتى عام 2020 .
وسياسة الطاقة الحالية، تعتمد اعتمادا كبيرا على واردات النفط، مما يؤثر سلبا على نمو الإنتاج الصناعي وقد عمد الأردن مؤخرا الإعتماد على الغاز المسال المستورد بعد إنجاز الميناء الخاص باستقبال السفن الناقلة له في العقبة .
وقد رفع الأردن الدعم تدريجيا عن البنزين والمشتقات النفطية حسب معادلة تعتمدها الحكومة شهريا وتعتمد على سعر النفط عالميا , ونتج عن ذلك ارتفاع كبير في أسعار النفط وانخفاض طفيف في استهلاك الوقود، مما خلق فرصاً جديدة للنمو في مصادر الطاقة النظيفة , وقد تم انتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة الشمسية وتم افتتاح محطة كبيرة تعمل على طاقة الرياح في الطفيلة .
كما تشير التقديرات إلى أن الأردن لديه 50 مليار طن من احتياطيات النفط في الصخر الزيتي وتتمتع واحدة من ودائع الصخر الزيتي بالقدرة على إنتاج 36 ألف برميل يوميا، وذلك يقدر بثلث استهلاك الأردن اليومي وتم الإتفاق مع شركات لإستغلال الصخر الزيتي ستباشر بالإنتاج خلال سنوات قليلة قادمة كما تعمل الحكومة على توليد الكهرباء من محطات نووية مستغلة مادة اليورانيوم المتوفرة في الأردن.
وفيما إذا استثمر الأردن 195 مليون دينار سنويا على مدى العشر سنوات القادمة في مجال كفاءة الطاقة للصناعة، يمكنه أن يوفر 20٪ من استهلاك الطاقة على مدى السنوات ال 12 المقبلة, وعلاوة على ذلك فإن التحول نحو الطاقة النظيفة في الأردن يمكن أن يؤدي إلى تحقيق وفورات على الواردات، وتقليص العجز التجاري، وخفض معدلات التضخم، وزيادة فرص العمل, ومن المتوقع أن تستحدث استراتيجية الأردن الوطنية للطاقة ثلاثة آلاف فرصة عمل جديدة في تركيب وصيانة وتشغيل مرافق الطاقة المتجددة بحلول عام 2020.
وحيث ان النقل مسؤول عن 37٪ من إجمالي الطلب على الطاقة إذ كان منذ ست سنوات حوالي 47٪ من سكان عمان يستخدمون وسائل النقل العام و 53٪ يستخدمون السيارات الخاصة وتحاول الحكومة عمل تحسينات على شبكة النقل العام خاصة في عمان , وقد كان لإرتفاع الجمارك ورسوم التسجيل هي أحد أسباب الإستمرار في استخدام المركبات القديمة الأكثر تلويثاً, ويمكن للأردن من خلال تعزيز استخدام مركبات الوقود النظيف أن يوفر 40 دينار لكل مركبة سنويا، أي بمجموع وفرات سنوية قدرها 44 مليون دينار. وعندما ألغت الحكومة الضرائب والجمارك على المركبات الهجينة في عام 2009، تم استيراد 4800 مركبة، ولكن الأرقام انخفضت عندما أعادت الحكومة فرض الرسوم في عام 2010 وقد اقرت الحكومة رسوما جديدة على ترخيص المركبات عام 2015 مما لاقى اعتراضا شعبيا عارما إضطرت الحكومة الى تعديل القرار لاحقا .
وتعمل الحكومة على تنفيذ بعض المشاريع كخط الباص السريع والقطار الخفيف لتعزيز وسائل النقل العام حيث من شأنه أن يؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة، وتوفير القوى العاملة تتمتع بقدرة أكبر على التنقل، وخفض البطالة في المناطق الريفية، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد ,حيث يمكن للموارد المالية الموفرة من "تخضير" قطاع النقل أن تؤدي إلى استحداث حوالي 10 آلاف فرصة عمل جديدة سنويا .
وفيما يتعلّق بقطاع المياه حيث يحتل الاردن المركز الثاني من 18 دولة مهددة بخطر انعدام الأمن المائي وقد لجأت الحكومة لمشاريع استراتيجية مثل الخط الناقل لمياه الديسي والذي تم تشغيله عام 2015 كما تعمل على مشروع ناقل البحرين من البحر الأحمر الى البحر الميِّت مستهدفا حل مشكلة بيئية وهي انخفاض مستوى البحر الميت إضافة للمساهمة زيادة كميات المياه للأغراض الصناعية والزراعية وتوليد الطاقة الكهربائيّة كما شددت الحكومة منذ اشهر قليلة على منع انتهاك القوانين وحفر آبار ارتوازية دون تراخيص والتهرب من دفع قيمة استهلاك المياه وغير ذلك من التعديات .
وحيث أن القطاع الزراعي يستخدم 71٪ من الطلب على المياه رغم أن 5٪ فقط من الأراضي تعتبر صالحة للزراعة بينما تشكل اراضي الحراج أقل من 1٪ من مساحة الأردن، وقد بدأت الحكومة بإسترجاع الأراضي الحكومية المعتدى عليها حيث انهت مائة واثنان وستون تعديا حتى الشهر الأول من عام 2016 من اصل حوالي الفين تعدي تم ابلاغ الحكام الإداريّين لمتابعتها .
وقد اعطت الحكومة لشركة خاصّة إدارة المياه في الأردن منذ سنين قليلة حيث يتلقى مستخدمو المياه في المناطق الريفية المياه كل 12 يوم تقريبا ، في حين يحصل مستخدمو المياه في المناطق الحضرية عليها أسبوعيا ,وحيث من المتوقع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه بحلول عام 2020 إلى 1.7 مليار متر مكعب . وفي الفترة 2030-2050، يتوقع أن يتم استنزاف المياه الجوفية السطحية في البلاد إلى درجة شديدة، وسوف تتحول 80٪ من الأرض من شبه قاحلة إلى قاحلة جراء آثار التغير المناخي وتفشّي ظاهرة التصحُّر والإستخدام الجائر للمياه .
ونظرا لإرتفاع نسبة الضياع في شبكات نقل المياه والتهرب من دفع الإستحقاقات فيبلغ مجموع خسائر المياه حوالي 100 مليون دينار سنويا ، علما بان الدعم الحكومي للمياه يغطي 48٪ من تكلفة المياه بمتوسط تكلفة تبلغ 0.71 دولار أمريكي لكل متر مكعب وتعمل الحكومة على إقناع المواطنين والنوّاب على ضرورة رفع اسعار المياه لتخفيف الدعم تدريجيا , وتقليل استخدام المياه بنسبة 20٪ يمكن أن يوفر حوالي 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا، ويقدر أن يؤدي الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر في الماء إلى إجمالي استحداث فرص العمل يبلغ حوالي 31 ألف وظيفة .
وقد أجريت دراسة بتمويل من البنك الدولي من خلال برنامج المساعدات الفنية لدول المتوسط (ميتاب ) عام 2001 بيّنت أن تكلفة التدهور البيئي العام (المياه والهواء والصحة والأراضي والنفايات ) تساوي 2.35- 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي .
ونظرا للزيادة الكبيرة في عدد سكان الحضر في الأردن منذ عام 1952 مما أدى إلى زيادة الضغط على نظم إدارة النفايات الصلبة في المناطق الحضرية خاصّة في منطقة الوسط حيث يعيش اكثر من نصف عدد السكان وقد عملت أمانة عمان الكبرى على تطوير مكب نفايات هندسي بمواصفات وشروط بيئية وصحيّة في منطقة الغباوي الذي يستقبل حوالي ثلاثة آلاف طن يوميا كما ستقوم وزارة البيئة بالإشراف على تطوير مكب نفايات الأكيدر في الشمال .
وتعمل الحكومة على تطوير إدارة النفايات الخطرة والطبية والإلكترونية والبطاريات المستخدمة كما تحاول تطوير مكب النفايات الخطرة في منطقة سواقة ,ويمكن أن تسهم عملية التطويروإعادة تدوير النفايات إلى حد كبير في توفير الطاقة وخفض تلوث الهواء .
تبلغ مساهمة الزراعة في الأردن حوالي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنها بشكل غير مباشر تساهم في 28٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 20٪ من الصادرات، ويعمل بها 3٪ من قوة العمل، كما أنها تدعم سبل كسب العيش لحوالي 20٪ من السكان ,وتعتبر الزراعة هي أكبر مستهلك للمياه في الأردن، فبينما تتناقص إنتاجية الأراضي الزراعية بسبب الاستخدام المفرط للتربة وملوحتها والإفراط في استخدام الكيماويات والأسمدة والزيادة السريعة لعدد السكان, وتعاني الزراعة أيضا من فترات الجفاف الدورية والصقيع الذي لا يمكن التنبؤ به وعملت الحكومة مؤخّرا على إصدار قانون التعويضات للمزارعين نتيجة المخاطر التي قد تواجههم وتواجه الأردن حاليا مشكلة إغلاق الحدود لبعض دول الجوار بسبب ظروف الإقليم الملتهبة ممّا ألحق اضرارا جسيمة بقطاع الزراعة والتصدير ,وإذا تم تطبيق قواعد الإقتصاد الأخضر فإنّ التقديرات تشير إلى أنه إذا تحول 5٪ من مجموع الأراضي الزراعية إلى أراضي زراعية عضوية سيؤدي الى 111 مليون دينار من الاستثمار واستحداث 1700 فرصة عمل ، وسيتطلّب ذلك الترويج للزراعة العضوية خاصّة في ظل وجود تعليمات السلامة الحيوية للمنتجات تطبيقا للشروط الدوليّة للمواد المعدّلة وراثيا والذي صدر قبل عدة سنوات .
وأمّا في مجال السياحة المستدامة والسياحة البيئية التي تساهم في 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتعتبر أكبر شريحة تصدير وثاني أكبر مشغل في القطاع الخاص، حيث كان يعمل في القطاع أكثر من 90 ألف شخص عام2010كما زار الأردن 7.1 مليون سائح عام 2009 وقد زاد عدد الفنادق بشكل كبير كما تم تنفيذ العديد من المشاريع العملاقة كمشروع العبدلي في عمان ومشروع آيلة في العقبة وغيرها, وفي حال إذا استخدم 5٪ من مجموع السياح بنية تحتية مستدامة، سيتم استحداث حوالي 3900 وظيفة جديدة بالرغم من انّ القطاع السياحي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا يواجه صعوبات وتحديات كبيرة بسبب الأوضاع العصيبة التي تمر بها المنطقة.
وهكذا فالإقتصاد الإخضر ليس لونا او شعارات للتفاخرة بها او مواضيع نظريّة لنباهي بها الدول او نطلب من الدول المانحة والمنظمات الدولية والصناديق العالمية مساعدات ومِنح وقروضا وإنما هو نهج تنتهجه الدول الفقيرة والغنيّة على حد السواء من اجل مصلحة مواطنيها وتحسين موازناتها وبيئة اراضيها والمساهمة في تحسين البيئة العالميّة .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيئيّة
6/ 2 / 2016