زارونا في معان , بعد سفر طويل من العاصمة , في جوّ بارد وماطر , محمّلين بكسوة شتوية استطاعوا أن يجمعوها من مصروفهم اليومي ومن فاعلي الخير , وهم كثر في الاردن , لتوزيعها على الأسر المعوزة , في مدينة أحبّوها قبل أن يروها , ولم يثنهم بعد المسافة , ولا وعثاء السفر , عن الوصول في الزمن المحدد , وبدأوا من دون راحة في عملهم المعروف لكل واحد منهم , من دون أن يأمرهم به أحد , مبتسمين مرحين , ولم يشعروا أحد بمنّة أو انتظار شكر وكانوا مثال الشباب المنتمي لوطنه, الذي يقدّم الخير للجميع , وادخلوا الفرحة على وجوه أطفال أسر هي بأمسّ الحاجة لها , وبعثوا الامل في قلوبهم التي اصبحت تعرف أنه يوجد من يفكر فيهم , وفي كيفية اسعادهم .
بعد أن قدّموا ما جلبوه معهم من كسوة الشتاء للأسر المحتاجة , التي استلمتها بنظام وابتهاج وشكر , شرحوا لنا أنّهم مبادرة شبابية بدأت عملها قبل ثلاث سنين , من طلبة جامعات كانوا يفكّرون بكيفية تقديم خدمة لأبناء وطنهم في أوقات فراغهم , وهم يبحثون دائما عن السبل التي بها يسهمون في خدمة المجتمع مثل دعم المسنّين وذوي الاحتياجات الخاصّة و توفير فرص عمل لطلبة الجامعات لتوفير رسوم جامعية لهم , وزرع الاشجار في مواقع بحاجة لذلك , ويقدمّون العون في ترميم منازل أسر فقيرة , وهم يثبتون بذلك انتمائهم لوطنهم من خلال مبادرتهم , و يساعدون في بناءه , ويغّيرون الفكرة السائدة عن الشباب بأنهم يأخذون ولا يعطون .
غادروا مدينتنا بعد أن تعرّفوا على تاريخها وعلى ملامح التطوّر فيها , ووعدوا بأن يزوروها مرّة أخرى للقيام بعمل تطوّعي آخر , بالتعاون مع الشباب المتطوّعين في المدينة وهم والحمد لله كثر , ليحققوا أحد أهداف مبادرتهم بجمع الطاقات الشبابية وتسخيرها وتوجيهها نحو العمل الخيري التطوّعي , لترسيخ الايمان بانتماء الشباب لوطنهم .