يغادر وفد سياسي يضم نواباً واعياناً برئاسة طاهر المصري رئيس مجلس الاعيان الى دمشق في زيارة رسمية، وذلك في بحر يومين.
تأتي زيارة الوفد السياسي الاردني،في وقت يتعرض فيه الشعب السوري الى محنة كبيرة،أدت الى قتل العشرات وجرح المئات،وامتدت من «درعا» الى مدن سورية اخرى.
لااحد يعرف ماهو السر وراء توقيت الزيارة،هذا على الرغم من ان عمّان تقول انها ضمن سلسلة الزيارات البرلمانية التي يقوم بها النواب والاعيان في الاردن،غير ان ذلك لاينفي حساسية التوقيت، وقابليته للتأويلات.
لايراد للاردن ان يبدو في صورة الذي يدعم جهة ضد جهة في سورية،او كأنه يصطف مع دمشق الرسمية ضد الشعب السوري،ولذلك لابد ان يحمل الوفد رسالة الشعب الاردني الى دمشق،وهي رسالة تقول الكثير.
بما أن الوفد يمثل الشعب الاردني،عبر النواب والاعيان،فإن المخاوف تتبدى من استثمار دمشق الرسمية للزيارة، وكأن الشعب الاردني يقبل مايجري في مدن سورية،او يتضامن مع عمليات قهر المتظاهرين او قمعهم او اسالة دمهم.
لااحد منا ايضاً مع تخريب سورية وخرابها،او تعريضها لاي فتنة كبرى،غير ان هناك «خيبة امل» في نفوس كثيرين من اسلوب الرئيس بشار الاسد مع الشعب السوري في الاحداث الاخيرة.
الدم السوري عزيز.خيبة الامل تتعلق بالرئيس بشار الاسد الذي راهن عليه كثيرون بأنه سيكون مختلفاً،وقد بدأ عهده بجملة تحسينات على محاور كثيرة،غير ان التراجع للاسوأ تبّدى في الاحداث الاخيرة.
للشعب الاردني علاقة خاصة مع سورية،فهي جارة مركزية،ودرعا «حورانية الهوى» والجغرافيا،وتخصنا بكل تأكيد،لان شقيقتها الرمثا هنا،ولا يمكن ان نقبل تحت اي تفسير هدر دم السوريين وترويعهم.
يأتيك من يقول ان هناك مؤامرة على سورية،وان سورية تدعم المقاومة ويراد هدمها من الداخل انتقاماً لخطها،واذا كان هذا الكلام صحيحاً،فالاولى اذاً ترتيب البيت السوري،وحل مشاكله،لا ذبح الابرياء،بذريعة وجود مؤامرة!.
يتحّسس السوريون الرسميون من كل كلمة نقد في الاعلام،لانهم يريدون الناس،اما معهم واما ضدهم،ولايقبلون،الاراء الوسطية التي ُتقر الصواب وتقف في وجه الخطأ،دون اجندات مسبقة.
الوفد السياسي الذي يذهب الى دمشق في هذا التوقيت،عليه ألا يتورط في اي موقف قد يحسبه احد موجهاً ضد الشعب السوري، لصالح الاصطفاف مع المؤسسة الرسمية السورية،وان يكون معتدلا في طروحاته.
رسالة الاردنيين لبشار الاسد،التي على الوفد ان يحملها،وابلاغها للرئيس ان قابلوه او لغيره من مسؤولين، ان بالامكان اغلاق الباب في وجه اي مؤامرات يتحدثون عنها،وفي وجه اي اضطرابات،بالاستماع الى الناس،بدلا من الحل الامني الذي بات كارثياً.
امضت معظم الانظمة العربية عمرها وهي تدوس على شعوبها،تارة باسم تحرير فلسطين،وتارة باسم المؤامرة،وتارة باسم القمع المشهر،وتارة باسم الدين، وتارة باسم الوطن،وتارة باسم القومية، فدفعت الشعوب ثمناً مريعاً مقابل لاشيء.
شخصياً كنت أظن كغيري ان الرئيس الاسد اكثر ذكاء وألمع بصيرة، من هكذا حلول سطحية، مراهناً على قدرته وسماته بأن يعيد انتاج الداخل السوري،لان الاقوياء حقاً ينحازون الى شعوبهم، دون ان يبدو ذلك ضعفاً او تنازلا.
ان كانت هناك اطراف دولية واقليمية وعربية تريد تصفية الحسابات مع سورية الرسمية لاسباب كثيرة، فعلى دمشق ألا تنجر نحو الهاوية بهكذا ادارة دموية للداخل،وان تتوصل الى تسوية داخلية، تسد الباب في وجه تلك الاطراف.
..وليتذكر الوفد ان الشعبين الاردني والسوري يرقبان بذاكرة لاتنسى،ماسيقوله الوفد وماسيفعله!!.