لست ادري، ما الذي لم تفهمه الحكومة من رسالة الملك الأخيرة الى رئيس الوزراء. فاحداث الجمعة الفائتة وباعتراف الرئيس وغيره من مسؤولين، اساءت الى صورة الاردن، واعطت انطباعا بأن الحكومة واجهزتها في واد والخطاب الملكي التقدمي في واد آخر. وما حدث في دوار الداخلية مساء الجمعة غطى على مسيرة نداء الوطن في حدائق الحسين والتي مثلت على قدرة الاردنيين على الاختلاف الحضاري والالتفاف حول الثوابت دون اللجوء الى العنف واتهامات التخوين.
والسؤال هو من الذي اساء الى صورة الاردن؟ وكيف لنا ان نثق في جدية وصدق نوايا الحكومة في الاصلاح الحقيقي واختطاط مسار مختلف لتحقيقه بعيدا عن توجيه اصابع الاتهام ولوم جهات خارجية والتملص من المسؤولية المباشرة؟ وبعد صدمة الجمعة نجد انفسنا وقد عدنا الى المربع الأول ونقطة الصفر في ظل تأزيم مقصود اطاح بلجنة الحوار الوطني وزعزع ثقة الناس في تحقيق تقدم في عملية الاصلاح التي قال جلالته انها لا يجب ان تتأخر.
المشكلة ليست في الاعتصامات أو المسيرات التي هي حق كفله الدستور، ولا هي في اختلاف وجهات النظر حول شكل الاصلاح ومنطلقاته. المشكلة اليوم هي في ثقة الشارع الاردني بالحكومة وبقدرتها على تحقيق الرؤية الملكية والتصدي للتحديات على اختلاف اشكالها. والشارع الاردني قادر على رصد الجهات التي تعرقل عملية الاصلاح وتناور لتعطيله تحت مختلف المسميات. كنا نتمنى ان يبدأ الحوار الوطني في اسرع وقت وان تطرح الحلول بحيث يتفاعل معها المواطن ويعبر عن رأيه فيها.
نحن الآن امام أزمة غير مبررة قد تولد فتنة وتوقظ نعرات وتطلق انقسامات وتوجه اتهامات وتخرج عملية الاصلاح عن مسارها. لا بد من تحرك سريع لتفادي الانزلاق نحو التخندق والاصطفافات والترهيب وفرز المواطنين على اساس موالين ومعارضين للنظام.
كنا نقول ان الاصلاح في الاردن ليس موضع خلاف بين القوى والتيارات لأن رأس الدولة هو اول من دعا اليه وقدم رؤيته وفهمه له ومهد الطريق امام الحكومة لتحقيقه في اجواء من الحوار الديمقراطي والانفتاح على كافة القوى. اما اليوم فاننا نخشى على مرتكزات الوطن من وحدة وطنية وسلام اجتماعي ووفاق سياسي واستقرار امني. ننظر من حولنا ونضع ايدينا على قلوبنا وندعو الله ان يخرجنا من هذه الازمة بسرعة الى بر الأمان.