أتخيلك الآن وأنت تضع يدك إلى خدك، تحاول أن تُلملم المشاهد.. بل تحاول ترتيبها.. ولا تترتب معك فهي عصية على الترتيب الآن.. فكلّما أتيت بهذا المشهد ووضعته قبل أو بعد ذاك المشهد، رأيت المشهدين غير منسجمين.. أتعرف لماذا.. لأن هناك من يعبث بالمشاهد كلها.. فكلما أمسكت بمشهد تحاول فهمه تفاجأتَ بإنك تحمل المشهد الخطأ أو الغلط.
تتناول التلفون.. تريد أن تتكلم مع لجنة الحوار الوطني.. تحاول ترتيب ما يمكن ترتيبه.. فتحتار ثانية وثالثة.. هل تبدأ بمن معك.. أم بمن استقالوا.. دوشة ما بعدها دوشة.. فتضع التلفون جانباً.. وتطلب فنجان قهوة.. القهوة ليست مُرة، وليست حلوة.. وليست وسطاً.. ولا على الريحة.. بل إنها كل شيء إلا أن تكون قهوة.
أراك الآن.. تريد أن تبدأ.. أن ترفض.. تريد أن تؤيد.. تريد أن تعمل أي شيء.. المشاهد تتوالى.. وأنت وصلت بك حكمة العمر والتجربة على أن الأمور يجب أن تبدأ من القلوب والعقول.. ولكن متى..؟ اشرب قهوتك.. وتناول تلفونك وتكلم مع الجميع.. والبس حذاءك.. واخرج من بيتك.. فهذا وقت الحسم.