أخيرا كشفت الحكومة عن زيفها وعن عدم قدرتها على تحقيق أي نوع من أنواع الإصلاح، وأكد رئيس الحكومة مجددا أنه حين رحل المرة الأولى عن الحكومة ذلك لأنه لم يكن قادرا على تقديم شيء، ونال الفرصة من جديد وأراد أن يبدو وكأنه يعد للعشرة وما أن عد للثمانية حتى ضاق ذرعا بما يحدث، ولأن جلالة الملك وجّه له بدل الرسالة رسالتين الأولى كتاب التكليف والثانية رسالة ملكية فيها بعض من تحميل المسؤولية للحكومة بالتقصير لعدم إسراعها في الإصلاح، فارتبك الوضع عند الحكومة ولم تستطع أن تتحمل الناس وكشفت عن دعمها لـ"البلطجة"، وكشف وزير الداخلية أنه لا يسيطر على الوضع، حتى مدير الأمن العام بدا مهزوزا جدا في المؤتمر الصحفي، ولم يستطع أن يقدم الحقيقة، وارتبك الكل وأعلنوا أنهم لا يعرفون كيف يديرون الأزمات.
النتيجة الآن واضحة فالحكومة ووراءها جهات أمنية التي كان عليها أن تضبط الأوضاع هي التي استفزت الناس فجعلت المعارضة تواصل اعتصاماتها لسوء تصرف الحكومة من البداية، وجعلت أطرافا أخرى تفهم المعارضة بشكل خاطئ وحفزتهم على ارتكاب أخطاء بحجج واهية.
من قال إن المعارضة وإن الذين يطالبون بالإصلاح هم ضد الملك أو ضد الدولة؟ لم يقل أحد ذلك ولكن قالته الحكومة لفهمها الخاطئ للمعارضة وقالته جهات أمنية لم تفهم شيئا بعد من أسلوب المعارضة والقوى الشبابية، والأخطر أنهم وبعد كل هذه السنوات لم يفهموا رسائل الملك المطالبة بالإصلاح والديمقراطية والحرية وهذه هي المصيبة العظمى.
إنني أوجه كلامي هنا إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، وأقول يا سيدي لقد سال الدم الأردني على يد رجال الأمن الذين يفترض أنهم أردنيون، وسال الدم الأردني بسبب حكومة لا تعرف كيف تحاور الأطراف السياسية في البلد، فهل مثل هؤلاء قادرون على تحقيق رؤاك السياسية في الإصلاح؟ سيدي: لقد أعلنت الحكومة فشلها وأعلنت الجهات الأمنية أنها غير قادرة على حماية أبنائك وإخوانك الأردنيين، وأنه آن الأوان سيدي أن تعزلهم من مناصبهم حتى لا يسيؤون للأردن أكثر مما أساءوا،وقد شمتت كل الفضائيات بنا، والأردن مليء بالشرفاء القادرين على الوقوف إلى جانبك والى جانب كل الشعب بكل أطيافه وأحزابه وشبابه ونسائه.
لقد قلت يا جلالة الملك وأنت تخاطب حكومة البخيت أن التدخل في الجامعات لم يعد مقبولا، وأن الزمن لا يحتمل مثل هذا الآن، وأرادت الحكومة أن تؤكد ذلك فتدخلت على الفور بنفس الطريقة القديمة وأعلنت فشلها في فهم الرؤى الملكية، سيدي لقد سقطت الأقنعة، ولم يعد بد من تحميل المسؤولية لحكومة فاشلة غير قادرة على حفظ الأمن ولم يبق من نلجأ إليه بعد الله إلا انتم، فالوضع لا يحتمل حكومات أصغر من أمنها.