كم شكرت الله وشعرت بالفخر أن في بلدي شباباً وشابات بعمر الورود وهم في هذا المستوى العالي من النضج والرقي والانتماء الوطني والوعي، ولكثرة الاستغاثات التي سمعتها ليلة الجمعة بسبب هجوم مجهولين عليهم بالحجارة بعد قطع الكهرباء عن الميدان، حضرت خطبة الجمعة في اليوم التالي. فاز الشباب حقاً في مواقف عديدة شهدتها خلال ساعات الأول لما سمعت خطيبهم تحدث ما يقرب من نصف ساعة بألفاظ محسوبة وحكمة بليغة ومسؤولية عالية في هذا الظرف الدقيق وفي هذه المناسبة الوطنية وفي هذه الأجواء الانفعالية والحماسة الشديدة، ولما انتهت الصلاة التي لم تستطع تلاوة القرآن الكريم أو الأذان إسكات الشتائم التي تفوه بها من حُشِدوا مقابل المصلين حتى يتساءل المرء من هؤلاء وما ثقافتهم ولماذا مقاطعة القرآن الكريم؟.
الثاني: لما انتهت الصلاة وإذا بجانبي حجارة مرتبة بطريقة هندسية واستغربت من بقائها وعدم إزالتها وإذا بها خريطة الأردن رسمها الشباب ببعض الحجارة التي ألقيت عليهم في الليلة الماضِية، فلله درهم من هؤلاء الشباب وما أعظم حكمتهم ووعيهم وكأنهم يقولون سنبني من الحجارة التي نالت من دمائنا حرية الأردن واستقراره، وبعد الصلاة قام أحدهم وطلب من الشباب أن يرددوا خلفه قسماً وطنياً بالله أولاً ثم بتراب الوطن أن يخدموا الأردن وأن لا يردوا على من يلقون الحجارة إلاَّ بالصبر والتحية وقال كونوا كالشجر يرميه الناس بالحجر ويرميهم بالتمر.
الثالث: فقد هزتني من الأعماق بقوة لبلاغتها ولعظم تعبيرها فقد كنت واهماً عندما خشيت عليهم من اندفاع الشباب وحماسته وانفعالاته فإذا بهم يعلمون الكبار الحكمة ويسطرونها بحروف من دمهم الطاهر شباباً وشابات وكلما رأيتهم طوال النهار يتلقون هجوماً بالحجارة والزجاجات الفارغة ينادون بمكبرات الصوت مؤكدين على عدم الرد على الإساءة والاكتفاء بمحاولة صدها بأعلام الأردن التي رفعوها وباللافتات المطالبة بالحرية والكرامة واستغاثوا بمدير الأمن أن يوقف هذه المؤامرة عليهم مع أن القانون يكلفه بحمايتهم وكان الهجوم يأتيهم بالتناوب من كل جهة ومن أعلى الجسر المغلق إلاَّ على هؤلاء المجرمين من مداخل مقر الاعتصام وخيام الإسعافات الأولية التي اطلقوا عليها -المستشفى الميداني- وإن كانت علاجاتهم بعض الأدوية المتيسرة مع كثير من الحب والدعاء والدموع والشكوى لله.
ولم تسلم هذه الخيام التي يفترض أن تحميها القيم الإنسانية والشرائع الدولية من هجمات البعض وتدميرها بانتقامية وحنق شديد كما كل من في الاعتصام، أما الشاب الذي احتفل به الأردن كله بمختلف أطيافه واتجاهاته السياسية، سلطان العجلوني المحرر من سجون الاحتلال الصهيوني فلم ترحمه الهراوات لتفعل بجسده النَّحيل الطاهر ما عجزت عنه أدوات التعذيب وزنازين العدو الصهيوني، اسأل الله أني يكتب له الشفاء وليس بعيداً عنه الشاب معاذ الخوالدة الذي امتدت إليه الأيدي الخفية بالأذى واسأل الله لبقية الجرحى الشفاء.
مسيرة الإصلاح الحقيقي التي وضع الشباب خطوطها العريضة يجب أن لا يختلف عليها أحد وهي في ضمائر الكثير من الأردنيين، فهي في العمق والوضوح والضرورة بحيث لا يمكن تناسيها أو إسكاتها أو التوقف عَنْها.
Salem.yousef@hotmail.com
الثاني: لما انتهت الصلاة وإذا بجانبي حجارة مرتبة بطريقة هندسية واستغربت من بقائها وعدم إزالتها وإذا بها خريطة الأردن رسمها الشباب ببعض الحجارة التي ألقيت عليهم في الليلة الماضِية، فلله درهم من هؤلاء الشباب وما أعظم حكمتهم ووعيهم وكأنهم يقولون سنبني من الحجارة التي نالت من دمائنا حرية الأردن واستقراره، وبعد الصلاة قام أحدهم وطلب من الشباب أن يرددوا خلفه قسماً وطنياً بالله أولاً ثم بتراب الوطن أن يخدموا الأردن وأن لا يردوا على من يلقون الحجارة إلاَّ بالصبر والتحية وقال كونوا كالشجر يرميه الناس بالحجر ويرميهم بالتمر.
الثالث: فقد هزتني من الأعماق بقوة لبلاغتها ولعظم تعبيرها فقد كنت واهماً عندما خشيت عليهم من اندفاع الشباب وحماسته وانفعالاته فإذا بهم يعلمون الكبار الحكمة ويسطرونها بحروف من دمهم الطاهر شباباً وشابات وكلما رأيتهم طوال النهار يتلقون هجوماً بالحجارة والزجاجات الفارغة ينادون بمكبرات الصوت مؤكدين على عدم الرد على الإساءة والاكتفاء بمحاولة صدها بأعلام الأردن التي رفعوها وباللافتات المطالبة بالحرية والكرامة واستغاثوا بمدير الأمن أن يوقف هذه المؤامرة عليهم مع أن القانون يكلفه بحمايتهم وكان الهجوم يأتيهم بالتناوب من كل جهة ومن أعلى الجسر المغلق إلاَّ على هؤلاء المجرمين من مداخل مقر الاعتصام وخيام الإسعافات الأولية التي اطلقوا عليها -المستشفى الميداني- وإن كانت علاجاتهم بعض الأدوية المتيسرة مع كثير من الحب والدعاء والدموع والشكوى لله.
ولم تسلم هذه الخيام التي يفترض أن تحميها القيم الإنسانية والشرائع الدولية من هجمات البعض وتدميرها بانتقامية وحنق شديد كما كل من في الاعتصام، أما الشاب الذي احتفل به الأردن كله بمختلف أطيافه واتجاهاته السياسية، سلطان العجلوني المحرر من سجون الاحتلال الصهيوني فلم ترحمه الهراوات لتفعل بجسده النَّحيل الطاهر ما عجزت عنه أدوات التعذيب وزنازين العدو الصهيوني، اسأل الله أني يكتب له الشفاء وليس بعيداً عنه الشاب معاذ الخوالدة الذي امتدت إليه الأيدي الخفية بالأذى واسأل الله لبقية الجرحى الشفاء.
مسيرة الإصلاح الحقيقي التي وضع الشباب خطوطها العريضة يجب أن لا يختلف عليها أحد وهي في ضمائر الكثير من الأردنيين، فهي في العمق والوضوح والضرورة بحيث لا يمكن تناسيها أو إسكاتها أو التوقف عَنْها.
Salem.yousef@hotmail.com