مـرّ مشـروع قانون الموازنة العامـة لسـنة 2011 من مجلس النواب دون أن يرفضه سوى خمسة نواب من أصل 115 نائباً ونائبة حضروا المناقشة والتصويت.
تمرير هـذه الموازنة في مجلس النواب بهذه الأغلبيـة الساحقة لا يعني أن النواب معجبون بها ، ويـرون فيها حلاً لمشاكل الأردن المالية ، وخاصة في مجال العجز والمديونية.
حتـى الحكومة التي قدمت الموازنة ليست معجبـة بها ، ويحتاج وزير المالية لكل مواهبه في اللغة والعلاقات العامة لتحسـين صورتها ، لكن الجميع قبلوا بالموازنة على علاتها ، أولاً لضيق الوقت ، فقد تأخر إقرار الموازنة ثلاثة أشهر ، وثانياً لعـدم وجود حلـول أفضل ، خاصة في الظروف الراهنة التي تعطي الأولوية للضرورات السياسية والاجتماعية على حساب الاعتبارات المالية والاقتصادية.
عيـوب هذه الموازنة صارخـة ، وليس أقلها أن العجـز كبير جداً يتعـدى الخطوط الحمراء ، والإيـرادات مقدرة بمبالغة شـديدة ، والنفقات بتحفظ غير ممكن التحقيق ، والإيرادات المحلية حتى لو تحققت لا تغطي سـوى أقل من 90% من النفقـات الجارية في خطـوة إلى الخلـف بمقياس الاستقلال المالي والاكتفـاء الذاتي ، ولا تشتمل الموازنة على خسائر الوحدات الحكومية التي تغطى بقروض تكفلها الخزينـة لتأجيل الدفع والاعتراف بالخسارة.
الضائقة المالية التي تعاني منها الخزينـة الآن ، والظروف العامة التي تفرض انخفاض الإيرادات المحليـة وارتفاع النفقـات العامة كان يجب أن تقنع المسؤولين عن السياسة المالية بتأجيل النفقات الرأسمالية ، فالظروف الراهنة تجعـل الأولوية للأمن والسلامة قبل التوسـع في المشاريع ، خاصة إذا كانت تلك المشاريع سـتمول بالمزيد من الاقتراض وتكبير المديونية لدرجـة تهـدد الاستقرار الاقتصادي بالخطر.
حتى لو تحققـت تقديرات الموازنة على علاتها فإن الحكومـة ستقترض 1720 مليون دينار خلال السنة وتسـدد 559 مليون دينار ، أي أن الاقتراض يزيد عن ثلاثة أمثال التسـديد مما يعني تفاقم المديونية.
يذكر أن العجز في الموازنة البالغ 1160 مليون دينار لا يأخـذ في الاعتبار أقسـاط القروض الأجنبية التي تستحق وسـوف تدفع خلال السنة ، مما يرفع العجـز الحقيقي إلى أكثر من 72ر1 مليار دينار.
الوضع المالي الصعب الراهن يجب أن يواجه بإدارة مالية قوية وحازمة ، وليس بعبارات مستعارة من لغـة العلاقات العامة.