لا أعرف اذا كان اللبنانيون قد انتبهوا أم لا إلى العلاقة بين تجربة حزب الله في لبنان وتجربة أنصار الله في اليمن، وكذلك بين طريقة السيد حسن نصر الله وطريقة السيد عبد الملك الحوثي..
وثمة قواسم مشتركة أخرى بين لبنان، واليمن تغري بالعديد من المقارنات، من بينها ما يمثله اليمن بين بحر العرب والبحر الأحمر، وما يمثله لبنان على سواحل المتوسط، والتاريخ المشترك بينهما من قديم الزمان الى عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
كما تزامنت فيهما الثورة الناصرية في البلدين: الانقلاب العسكري ضد الامامية في اليمن وما تلاه من حروب أهلية محورها الخارجي، عبد الناصر من جهة والسعودية من جهة ثانية. وهو ما شهدته لبنان ايضا من ثورة شعبية بزعامة كمال جنبلاط الحليف الاقوى لجمال عبد الناصر ضد شمعون الامريكي – السعودي. ومن غرائب او مفارقات الحالتين انتهاء الصراع في البلدين باتفاقات في المدينة السعودية، نفسها، الطائف ولا ننسى الكتلة الشيعية في لبنان والجناح المتشدد في الكتلة الزيدية في اليمن..
ومن القواسم الراهنة، التحالفات ذاتها للقوى المتضررة من تقدم حزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن، واخطر هذه التحالفات او التوظيفات، هي الاستعانة بالجماعات التكفيرية على اساس مذهبي.
على هذه الخلفية، تعالَوا نقرأ تجربة حزب الله والسيد حسن نصر الله، وتجربة أنصار الله والسيد عبد الملك الحوثي…
في لبنان وبعد الانجاز الكبير لحزب الله ضد العدو الصهيوني عامي 2000 و 2006 ، ورغم ان الكتلة الشيعية تشكل نصف الكتلة الاسلامية ثلث الكتلة السكانية، الا ان حزب الله لم يفكر بالتقدم ابدا نحو بعبدا، واقتصرت مطالبه على قانون انتخابات معقول نسبيا لا يسمح لحزب الله بتمثيل نيابي واسع…
وعندما دفع الحزب ببعض وحداته ليوم واحد في ايار ولأهداف عابرة محددة، قامت الدنيا ولم تقعد ولا تزال هذه الحادثة مادة للتحريض ضده..
وبالمقابل، وما أن اتيحت اول فرصة لانصار الله في اليمن وتمكنوا من السيطرة على صنعاء، حتى تداعت قلاع السلطة امامهم، الواحدة اثر الاخرى، وصولًا إلى لعبة الفراغ واستقالة الرئيس الضعيف اصلا، والدعوة لتشكيل مجلس رئاسي كل خيوطه في قبضة انصار الله وزعيمهم عبد الملك الحوثي..
والحق أنه لا يستطيع أحد إنكار الكاريزما المفاجئة والقوية لهذا الزعيم كما كاريزما نصر الله بما فيها لغته السياسية ولسانه العربي الذي يحسده عليه سياسيون واعلاميون لا يعرفون الفاعل من المفعول.
بالتأكيد لست معنيا هنا لا بنقد حزب الله ولا مدحه على موقفه، وكذلك الحال مع الحوثي، ولكني اتمنى من اللبنانيين تحديدا ان يتمعنوا في كل ذلك، فلم يكن حزب الله بعد انتصارين على ( اسرائيل) عاجزا عن توسيع ( مروحة) مطالبه إلى أكثر من بضعة نواب ووزراء في برلمان وحكومة لا يعتد اللبنانيون بهما كثيرًا…