الوصف المباشر للموقف الأردني من التطرّف والإرهاب ليس موقفاً عفوياً بل هو جزء من رؤية سياسية وفكرية للدفاع عن الأردن ودول المنطقة والعالم من الاٍرهاب، وحادثة استشهاد الطيار الكساسبة التي دفع الأردن من خلالها ثمناً لموقفه عليها أن تذكّر العالم كله وعلى رأسها دول المنطقة أن عليها واجباً وعليها حقوق تجاه الحرب على الاٍرهاب وتجاه الأردن، فالحرب ليست على الأردن فحسب بل على الجميع.
تعاطف العالم معنا كان إيجابياً ومقدراً، وهي قضية أجمع العالم عليها، ونقدر أيضاً لأشقاء وأصدقاء تقدمهم بمبادرات ايجابية تجاه الأردن، لكن كل هذا قد يكون مناسباً في المرحلة الأولى بعد حادثة استشهاد معاذ، لكن عندما نتحدث عن معارك طويلة الأمد مع التطرّف كفكر والإرهاب كفعل للتدمير والقتل فإن على الجميع من الأشقاء والأصدقاء أن يدركوا أن الأردن ليس حالة إنسانية أو عاطفية يتم أداء الواجب تجاهها بكلام جميل أو بعض التعاطف العسكري، بل هو دولة تدفع ضريبة كبرى من فعل جيشها وأجهزتها الأمنية، وأتحدث عن كُلف عسكرية ومالية واقتصادية ليس فقط لحماية أرضه ومواطنيه بل أيضاً لحماية من حولنا، فالجيش المنتشر على حدود طولها حوالي 600 كم مع سوريا والعراق، ونحن من نمنع الاٍرهاب والسلاح والمخدرات والموت عن دول عديدة، وبالتالي فإننا كما نقوم بواجبنا فعلى الآخرين القيام بواجبهم الذي لا يجوز أن يكون من البعض تعاطفاً أو حديثاً عاطفياً أو مساندة شكلية.
نقدر كل تضامن لكن معركة بهذا الحجم ودور كبير نمارسه لمصلحتنا ومصالح الآخرين يحتاج من الآخرين وقفة حقيقية فالأمر ليس حالة عاطفية، بل أكبر من ذلك بكثير.