بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسولنا محمد الكريم
يمر الدرسُ علينا على مدى عقود وسنين ولا من معتبر ,في جميع معاركنا الصغيرة وحروبنا الكبيرة مع العدو الصهيوني منذ نشأته وحتى ايامنا هذه باستثناء حرب اكتوبر 1973 استخدم العدو وسائل سياسية ثقافية واعلامية في استراتيجيته و تكتيكاته العسكرية مما جعل تفوقه ونجاحه اسطورة لا تقهر في حين لا يعود ذلك الى تمييز جندي فيه بقدر ثقة الأخير وايمانهِ بالتخطيط المحكم والوصول الى الهدف بأقل الخسائر .
ليس هناك شكٌ بأنَّ تَزعزُع الموقف العربي وسياسة المواقف المتباينة القصيرة المدى قد أغلقَ الكثير من الحلول باتجاه حالة من القرار السياسي والامني المنفرد في المنطقة وهي بلا شك احدى أبسط الاهداف التي حققها الاعداء( امريكا واسرائيل) في هذه المرحلة .وهذه حقيقة فكلما ابتعدنا عن تاريخنا وحضارتنا وديننا كلما تشتت اتجاهتنا وافكارنا نحو عدونا الحقيقي والقاعدة التاريخية الفلسفية تقول ليس هناك من ليس له أعداء وفيما يتعلق بنا فلو لم يكن هناك صهاينة لظهر أعداء غيرهم ...
وعلى مستوى الاردن لن يختلف اثنان انّ الطبيعة الاجتماعية والثقافية لشعبنا مكشوفة للجميع في الداخل والخارج والتي تعتبر نقطة ضعف اكثر منها قوة عندما نؤمن انّ عواطفنا وليست عقولنا , مصالحنا الشخصية ليست مصالحنا القومية هي التي تحركنا .
تخدع الشعوب في الحوار الديني والوطني عن مرجعية تنظيمات كتنظيم القاعدة او داعش ...تتلعثم عقولنا في معرفة من تكون , وتتباين تخميناتنا عن كونها تنظيمات اسلامية متطرفة ضالة او صناعة غربية أم الاثنان معاً....لقد ذكرتُ في مقالات سابقة مثل ( برمودا داعش , اوباما ان صح الفيديو ) عن هذه الاحتمالات وقلت ان العدو الغربي قد ساهم ودعم تلك التنظيمات لاهداف اقتصادية بالاضافة الى هدف جديد خطط له بعد الاعمال الارهابية التي حدثت في بعض الدول الغربية في العقود الماضية والخوف من التوسع والانتشارالسريعيين للمتشددين الاسلاميين في دولهم فجاء التخطيط لاعادة تدوير و تصدير المعركة الى منبعها بطريقة تتفق وثقافتهم وعواطفهم, تماما كما يفعلون بالنفط العربي الاسود.
حربنا ضد التنظيمات الارهابية هي حربنا لا شك ولكنها الحرب الوهمية او المرحلية.. فحربنا الحرب الحقيقية هي حربنا مع من صنع أو دعم او أثار عدونا الداخلي حين زور التاريخ وحرف الحديث وايقض الفتن والنزاعات الطائفية فاصبح عدونا التاريخي خارج حدود المعركة مستلقياً على اريكة الزمان ساخراً , ضاحكاً يقلّم بعضاً من أظافر متعبة قد تطول هنا وهناك.
لقد بات جلياً ان تدني مستوى الفكر الاعلامي العربي قد لعب دوراً مهماً في تغييير كثير من الحقائق على الارض وانّ الرسائل المزيفة بالصوت والصورة قد حيرت قلوبنا واربكت عقولنا فجاء قرارنا الشعبي غبي وساذج.وانا هنا أبُعِدُ عن الساحة المعرفية نخبة من المفكرين والمحللين الذي نادوا بهذه الافكار منذ أمد وصرخوا كثيراً حين لم يسمعهم أحد.
الحرب البرية قد تحدث تغييراً جذرياً في المنطقة وهو بلا شك ليسَ من مصلحتنا الوطنية او الدينية ولكن قرارنا هنا كما قرارات وتصريحات بعض الدول العربية ليست ملكنا فنحن نفتقر دينياً واخلاقيا الى القرار الحر وهو فضيلة حين نعترف ولو لحظة بذنبنا. معاركنا الوهمية لن تنتهي وستستهلك قوانا الاقتصادية والشعبية وذهابنا المترنح الى أرض الخصم لن يجر الا الويلات.
أعجبتني مقولة عربية : مكره أخاك لا بطل ....نعم نحن لسنا مكرهون ضد الحرب على الارهاب ولكننا مكرهون بزمان ومكان اختارهما اعداؤنا من الداخل والخارج. المستقبل القريب سيفضح الكثير...والقادم أصعب وامرّ. والأُكَال ( الغَنْغَرِينا) الارهابية انتشرت في مجتمعاتنا بعد ان تعرى جرحنا الديني العربي طويلا .
والسلام