مع انطلاق ما يسمى بقمة رباعية النورماندي والتي ستضم "اولاند -ميركل -بوتين - بوروشينكو" فقد بدأ واضحآ ان المساعي الغرب أوروبية التي تقودها باريس وبرلين الهادفة الى الوصول الى حلول سياسية وسلمية للصراع في الشرق الاوكراني ,قد تزامنت بتصعيد عسكري باقليمي دونيتسك ولوغانسك شرقي اوكرانيا ,وبدأ واضحآ انه مع انطلاق المؤتمر بمينسك بالعاصمة البيلاروسية والخاص بحل الازمة الشرق اوكرانية ,كيف انه مع انطلاق ماراثون هذا المؤتمر تصاعدت بشكل لافت وحاد مواقف الدول الكبرى المعنية بهذا الصراع ,ومن غير الواضح للأن ان كانت الخطة التي أرست معالمها وثيقة التفاهم بين الالمان والروس والفرنسيين مؤخرآ,والتي ستبحث بمؤتمر مينسك، ان كانت ستنجح بايجاد حلول مقبولة بخصوص وقف القتال والمعارك والسير بوثيقة سلام بين الحكومة الاوكرانية والمعارضين لها باقليمي دونيتسك ولوغانسك شرقي اوكرانيا، فالبعض يعول الان على المجهود الالماني الفرنسي الذي تبنى هذا الطرح منذ البداية، وبدأ بالفعل الجهد الالماني سريعآ فقد عقدت ميركل والرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكو ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن اجتماعا استمر لمدة ثلاثة أيام على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، بحث خطة السلام في شرق اوكرانيا والذي تضمن وقف القتال بدونتيسك ولوغانسك والوصول الى حلول سلمية لايقاف الصراع والتوتر بالشرق الاوكراني.
ولكن هنا لايمكن لأي متابع أن ينكر مدى وحجم الخلاف الدائر حول اوكرانيا، وخصوصآ بين واشنطن -موسكو فبعض المتابعين يقرأون أنه بهذه المرحلة تحديدآ فان كلا الدولتين الروسية والامريكية تعيشان ألان بحالة حرب سياسية ساخنة جدآ قد تتطور مستقبلآ لصدام عسكري غير مباشر،، وعلى ألاغلب سيكون مسرح هذا التصادم العسكري هي ألاراضي الشرق أوكرانية ألانفصالية وتحديدآ من مدينتي دونيتسك ولوغانسك، وما يعزز هذا الطرح مادار من حجم خلاف على هامش قمة العشرين بالعام الماضي، فبعد قمة ساخنة جدآ عاشتها مدينة بريزبين الأسترالية، بدأ واضحآ مدى أتساع رقعة الخلاف بين موسكو من جهة، وواشنطن وحلفائها الغرب أوروبيين من جهة أخرى حول الملف الاوكراني تحديدآ،، وقد بلغت ذروة هذه الخلافات المتصاعدة،، حينما صدق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأواخر كانون الأول من العام الماضي على الصيغة الجديدة للعقيدة العسكرية الروسية والتي تعتبر حشد القدرات العسكرية للناتو من أهم الأخطار الخارجية ،، مع أن قيادة حلف الناتو بعثت رسالة فورية لموسكو قالت فيها ان موسكو ليست هدفآ مستقبلي للحلف.
فالواضح للأن ان حجم الجهد الالماني –الفرنسي المستمر منذ شهور، قد اصابه بعض الانتكاسات بالفترة الماضية، فموسكو تخشى من عواقب وخطورة خسارتها لورقة قوة تملكها لصالح الغرب وهي أوكرانيا،، فاليوم هناك تأكيدات تصدر من موسكو على استعداد روسي لعملية عسكرية مفاجئة داخل اوكرانيا في اي وقت تقدم فيه القوات الاوكرانية مدعومة بقوة غربية باقتحام مدينتي دونيتسك ولوغانسك، شرقي أوكرانيا واللتان تقعان تحت سيطرة معارضين للحكومة ألأوكرانية،، وبنفس الوقت هناك تأكيدات من قبل قادة ما يسمى "بحلف الناتو 'على عدم السماح لروسيا باحتلال أي جزء من اوكرانيا وفق تعبيرهم،، وهذا ما اكده آولاند وكاميرون،، واكد عليه باراك اوباما فقد قدم الرئيس الامريكي ضمانات للرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكوعلى ان الغرب لن يسمح للروس باستباحة ارض اوكرانيا على حسب تعبيره ولو كان الثمن لذلك هو الدخول بحرب مفتوحة وشاملة مع الروس.
الالمان والفرنسيين بدورهم يعون كل هذه الحقائق، ويعرفون ان الوصول الى مسار تفاهمات بين الاطراف المتصارعة بالشرق الاوكراني، تحتاج الى تفاهمات بين الاطراف الدولية لتطبيق فعلي لمسار هذه التفاهمات على الارض، فالروس لايمكن ان يتنازلو عن ورقة الشرق الاوكراني لصالح الغرب، والغرب وتحديدآ حلف "واشطن -لندن "، لايمكن بهذه المرحلة ان يتراجع عن هدفه الرامي لاخضاع الروس، فالالمان يدركون ان الروس يواجهون مشروعآ غربيآ الهدف منه تقويض الجهود الروسية في الوصول الى مراكز قوى جديده لدفع الروس الى الانكفاء الى الداخل الروسي، كما يدرك الالمان ان واشنطن قد رمت بالفترة الاخيرة بكل ثقلها السياسي والاقتصادي في محاولة لتقويض الجهود الروسية في التوسع في تحالفاتها واتساع مراكز القوه ونفوذها الدولي شرقآ وشمالآ.
ختامآ ,,فمجموع هذه التعقيدات تدفع بعض المتابعين للقول انهم لايعولون على الجهد الالماني-الفرنسي الساعي لبناء وثيقة تفاهم دولية قادرة على ضبط ايقاع الصراعات الدولية بما ينعكس على حلول سريعة لمعظم الازمات المحلية والاقليمية والدولية،،فالمعركة الدولية والصراعات الاقليمية تحتم على جميع الاطراف ان يبقو بخانة الصراع الى امد طويل ,,الى حين ان يكتمل قطف نتائج الصراعات الدولية ,,والتي على أساسها سيبنى شكل النظام العالمي الجديد .
* كاتب وناشط سياسي -الاردن.
hesham.awamleh@yahoo.com