بداية لا بد من التوقف أمام جريمة نكراء ... بحق الشهيد معاذ الكساسبة الطيار الأردني الذي قتل بطريقة وحشية ... لا انسانية ... ولا تمت بأي صلة بالأديان السماوية ... ولا حتى بالأعراف والعادات القبلية ...
بل كانت تعبيرا واضحا وصريحا أن هذه الجماعة التكفيرية لا تمتلك مشروعا انسانيا دينيا وطنيا ... بل تمثل بفحوى فكرها ... وأساليب فعلها ... أنها جماعة قاتلة للانسانية وللحياة ... وتؤكد بفعل أفعالها وجرائمها واستهدافاتها أنها أحد الأدوات التخريبية التي تنشرها أجهزة المخابرات المعادية لضرب استقرار المنطقة ... ومحاولة اضعاف الجيوش والأنظمة وانهاك المؤسسات واهدار مقومات الدول وزعزعة استقرارها وأمنها .
ونحن أمام مشهد هذه الجريمة النكراء بحق الملازم أول طيار معاذ الكساسبة ... فان المشهد العربي يحتاج الى المزيد من تضافر الجهود ... وتسخير المزيد من الامكانيات والطاقات ... لمواجهة هذا الارهاب الأسود الذي يطل برأسه في العديد من الدول العربية من أجل اجهاضها وتفتيت مؤسساتها وضرب استقرارها وأمنها وهذا يشكل تحديا اضافيا لأمتنا العربية ويجب مواجهته بكل قوة ووعي وادراك تام أن الارهاب لم ولن ينجح ... وأن القتل والحرق والتدمير ... يعبر عن حالة ضعف فكري ... وعدم قدرة على الاقناع ... وبالتالي فالحضور من خلال القتل ... واسالة المزيد من الدماء ... وحتى القتل بالحرق وقطع الرؤوس ... أساليب وحشية في ظل ادارة التوحش التي تنتهجها هذه الجماعات التكفيرية والتي تتطلب لمواجهتها طرح العديد من النقاط ...
أولا: الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن وسلامة الأرض العربية .
ثانيا: تعزيز الخطاب الديني الوسطي وعدم ترك المجال للقوى التكفيرية المتطرفة لنشر أفكارها المريضة والمخادعة تحت مسمى الدين .
ثالثا: صحوة ثقافية عامة تشمل كافة المناحي الثقافية والأدبية لتعزيز ثقافة الحياة والعمل والابداع ... ومواجهة كافة محاولات ترسيخ اليأس والاحباط داخل الشباب العربي .
رابعا: تفعيل كافة الاتفاقيات الأمنية لمكافحة الارهاب ما بين الدول العربية بعد أن وصلت الأمور الى الحد الذي لا يمكن القبول به .
خامسا: الاعلام العربي بكافة وسائله يجب أن يأخذ دورا أكبر لتعزيز ثقافة مواجهة الارهاب ... وبناء الوعي المجتمعي لمكافحته ... وتبيان مخاطره ... وعدم افساح المجال لمحاولات نشر الأفكار المريضة والمتطرفة والتكفيرية ... من خلال خطاب اعلامي عربي شامل ومتكامل .
سادسا: مواجهة الارهاب لا يمكن اختزالها بالمواجهة الأمنية ... ولكن يجب أن يعطى البعد التنموي ومعالجة مشاكل البطالة والشباب وحالة الفراغ ... وتدني مستوى الوعي الثقافي ... وزيادة الوعي الديني الوسطي ... وتعزيز المفاهيم الوطنية والقومية والمواطنة لدى المواطن العربي وحرصه على أرضه وشعبه ومقومات دولته ... وعدم السماح بالعبث والتخريب لهذه القوى الظلامية التكفيرية ... وكشف زيفها .
سابعا: الأمة العربية مطالبة بصورة أكبر ... وأكثر فعالية بتقديم كافة المساعدات والوقوف الى جانب الدول العربية التي تتعرض للإرهاب بصورة مباشرة .
الارهاب الأسود وقد أصبح يسير في منطقتنا العربية كالسرطان يحتاج الى المزيد من العمل والاصرار والمثابرة على مواجهة هذه الظاهرة السوداء التي صدرت الى منطقتنا من أجل تنفيذ مخطط امريكي صهيوني ... لإضعاف مقومات الدول وتفتيتها وانهاء جيوشها ... وهذا لن يتم في ظل الايمان العميق والمتجذر بأمتنا وقوميتنا وديننا الحنيف الذي يدعونا الى الوحدة والتماسك ... وارساء العدل والمحبة والتسامح حتى يتم محاصرة الارهاب والارهابيين ... وقتل واجتثاث فكرهم المنحرف ... حتى تبقى أرضنا العربية ... أرض سلام ورخاء واستقرار لكافة شعوب المنطقة .
ولا يسعني أمام مشهد قتل الملازم أول معاذ الكساسبة .. الا أن أقول لقد كنت رجلا وشجاعا .. وعربيا أصيلا .. من جذور عربية أصيلة ... مسلما حنيفا شجاعا مقداما وقفت بكل قوة أمام الموت ... وليس أي موت ... وقفت أمام الجبناء بكل خستهم وحقدهم الأسود ... فأغاظتهم شجاعتك ووقوفك أمام وسائلهم الدنيئة والمخزية والتي تمت الى فكر منحرف وعقول مريضة وارتباطات لا علاقة لها بالعروبة والاسلام بل كل مؤشراتها تؤكد أن لا علاقة لهم بأرضنا وديننا وعروبتنا .
الكاتب وفيق زنداح