ليست وحدها هي الأحزاب هي التي تسعى للسلطة في البلاد العربية سواء كانت أحزابا اسلامية تأمرها عقيدتها بالسعي للسلطة لأنها أصلا حقا لها وقد كانت لها ثم اغتصبت منها في فترة ضعفها ، أو أحزابا علمانية ترى ان لديها برنامجا يصلح به حال الناس لو تمكنوا من الوصول إلى السلطة لتطبيقه ، إذ لا يمكنك ان تنفذ برنامجا اسلاميا أو علمانيا إلا باستلامك للسلطة .
ليست وحدها هي الأحزاب التي تسعى إلى السلطة فكذلك الفقراء هم أيضا يسعون إلى السلطة لأنهم يرون أن من يكون في السلطة يكون مرتاحا ماليا و معيشيا و سكنيا و نفسيا هو و أهله و أقاربه و اصدقاؤه و انسباؤه و خدما و حشما .
ذلك لأن السلطة توفر له المال اللازم للحياة السعيدة الرغيدة ، لا بل انها توفر له المال الفائض الذي يرصده له و لأولاده في بنوك أجنبية بعيدا عن أعين الشعب إذا ما قرروا يوما أن يقولوا له _ إرحل _ فيرحل إلى هناك حيث أمواله المرصودة فيعيش منعما مرفها .
طبعا يكون هذا عندما تكون السلطة ليست على المنهاج الرباني لمحمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم و أخيه علي ابن ابي طالب الذي قال " لو كان الفقر رجلا لقتلته " و أخيه ابو ذر الغفاري الذي ينسب إليه القول " عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج عن الناس شاهرا سيفه " .
الفقر حالة قال فيها العلماء تعريفات كثيرة أظن أن آخرها " أن الفقر هو محدودية الخيارات أو انحسارها إلى خيار واحد أو انعدامها في وجه الفقير " ولهذا نصح العلماء الحكومات الفاسدة لمكافحة الفقر بفتح أبواب أخرى لخيارات الفرد ليخرج من ضائقته و إلا فأنها تتولد لديه مع طول أمد الفقر عليه ثقافة سلبية تبدأ بالحسد و البغض و الكراهية ثم تتجه تدريجيا نحو العنف الذي يسعى بالفقراء لنهب املاك الغير من الأغنياء في أول فرصة لفك ضائقتهم مؤقتا إلى أن تحين فرصة أخرى ، وهكذا يستمر العنف دورات و دورات .
وقد يسعى الفقراء لفك ازمتهم نهائيا بالسعي المتواصل للوصول إلى السلطة التي تنهي أزمتهم و تفك ضائقتهم نهائيا بحسب ما يرون من الواقع السلطوي القائم .
ولو جئت تنصحهم بأن يشكلوا حزبا يطالب بحقوقهم وقد يوصلهم مع الايام إلى السلطة وليسمونه مثلا " حزب الصعاليك " قالوا لك لا يا عزيزي هذا أمر يطول و يحتاج إلى أذهان صافيه و مرتاحة للعمل فيه ، ونحن قوم ليس لدينا متسع من الوقت فلدينا متطلبات معيشية يومية ملحة و مستعجلة تدفعنا للنهب هذه الليلة أو غدا فلدينا رسوم جامعات للطلاب يجب علينا أن نوفرها في وقتها نأتي بها من أموال الأغنياء لانها حق لنا عندهم ، ولو اعطونا حقنا هذا الذي كتبه الله لنا لما احتجنا لنهب أموالهم .
لقد أصبح عند الفقراء الصعاليك ايديولوجيا سطحية تبرر لهم اعمالهم العنفية و تدفعهم بقناعة تامة لممارسة هذه الأعمال .
يختلف وصول الفقراء إلى السلطة عن وصول الاحزاب العقائدية البرامجية إليها ، إذ يشوب وصول الفقراء إلى السلطة حالات فساد نهمة و فوضى عارمة لا تتقيد بأية قواعد سلوكية وهذا ناتج أصلا عن الثقافة السلبية التي رسختها السلطة الفاسدة التي قامت أصلا و عملت أثناء توليها للسلطة على تدمير القواعد الأخلاقية من أجل الوصول إلى الثروة لكي تأخذ ممارساتها الفاسدة هذه طابع الشرعية الاجتماعية فتصبح غير مستغربة و غير مستهجنة و مقبولة عند أغلب طبقات المجتمع ، أي أن السلطة تعمد إلى الافساد في الوقت الذي تمارس فيه الفساد حتى يكون الجميع غارقا في الفساد فلا ينكر أحد على احد وهذا خطر عظيم على الشعب و الوطن .
أما الجانب الأخطر فيكون في حالة عجز الفقراء أو الأحزاب عن الوصول إلى السلطة بانعدام الخيارات أمامهم بسبب استخدام القوة الغاشمة من قبل السلطة القائمة بالقتل و الأرهاب و الاعتقال و السجن و التعذيب مستندة إلى دولة عظمى تحميها و تحمي استبدادها و ظلمها وربما " فيتو " في مجلس الأمن .
يلجأ هؤلاء الفقراء أو الأحزاب حين تغلق في وجوهمم الابواب و تسد عليهم المنافذ إلى قوى خارجية لمساعدتهم للخلاص من فقرهم و ذلهم و من سلطتهم الغاشمة التي افقرتهم و أذلتهم و أهانت كرامتهم .
عندها يكون الجانب الأخطر حاضرا وهو الحرب و القتل و الدمار وهذا ما يحصل الآن في كثير من الدول العربية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ضيف الله قبيلات