قرأت ما كتبه الأستاذ سمير الحياري رئيس تحرير الرأي عن اللقاء الذي عقده جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، وتوقفت طويلا عند المحور الذي تحدث عما يقلق الأردنيين، وما يبذله جلالة الملك من أجل.
« سعادتهم « بخاصة في المسألة الاقتصادية، وتوجيهاته إلى الحكومة لكي تبقى على تواصل مع المواطنين، وتلمس همومهم ومعالجتها، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الفقر والبطالة.
وسرني استخدام مفهوم السعادة أو الإسعاد كهدف أسمى نسعى جميعاً إلى تحقيقه في نهاية المطاف، فذلك نوع من التفكير الاستراتيجي يمكن تحويله إلى عنوان الاستراتيجية شاملة « رسالتنا إسعاد المواطنين» وقد سبق لي أن قرأت كتابا لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمير دبي يصب في هذا الاتجاه، وقبله بزمن طويل، تحدث الزعيم التونسي الحبيب بورقيبه عن « فرحة الحياة» كهدف يجب أن تعمل مؤسسات الدولة كلها في سبيل تحقيقه !
تحت عنوان السعادة أو الفرحة يصير لمسيرة الإصلاح ومشروعات التنمية مدلول إنساني رفيع، لأنه يضع الجميع أمام حتمية الإجابة على السؤال الموضوعي.
« كيف نحقق ذلك» ويكون الجواب عليه هو توفير متطلبات الحياة الكريمة من مسكن، ورعاية صحية، وتعليم، وخدمات لائقة في مقدمتها النقل والماء والكهرباء، وفرص عمل ذات مردود يفي بمتطلبات الحياة اليومية.
مما يسعد الناس أيضا ثقتهم بسلطات الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة، فذلك شعور يسبقه اطمئنان إلى أن العدالة والمساواة والديمقراطية قائمة حتى ولو في حدها الأدنى، وهو ما يرتبط أساسا بمفهوم الدولة المتماسكة، أي الدولة التي تكون فيها الأنظمة متصالحة مع شعوبها، ساعية لرقيها وضمان عيشها الكريم، وهو مفهوم أردني بامتياز.
ليست الحكومة وحدها مدعوة إلى التواصل مع المواطنين، إن جميع المجالس المنتخبة بدءاً من مجلس النواب فالبلديات، فغرف الصناعة والتجارة، وكل مجلس منتخب يجب أن يرجع إلى جمهور الناخبين، مستطلعا رأيه تارة، وشارحا خطته تارة أخرى، وإلا فإن العملية الانتخابية تفقد أهم معانيها، وتتحول إلى عملية إجرائية لا يترتب عليها شيء بعد انتهائها، فتسود الريبة والشك وخيبة الأمل، وتزيد من تعاسة المواطن حين يفقد الثقة في كل شيء !
ربما يحتاج تفسير مفهوم السعادة كهدف استراتيجي إلى بحث معمق، وبعقلية جديدة، ولكن مجرد طرحه في هذه المرحلة بكل تعقيداتها، فذلك تحدٍ لم يسبق له مثيل !