نقول هذا الكلام بمناسبة كثرة المطالبات عبر تصريحات ومقالات في الصحف ووسائط الاعلام باجراءات ينبغي أن يقوم بها البنك المركزي فورا مثل تخفيض أو رفع أسعار الفائدة أو الذهاب الى ما هو أبعد من ذلك كاتباع سياسات تحفيزية تخفف من حدة تأثير الاصلاحات الاقتصادية خصوصا تلك المتعلقة بالأسعار.
ما يعرف عن عمل البنوك المركزية فقط هو الالتزام برأي علمي ومهني في مواجهة التحديات والمخاوف تبعا لمؤشرات واقعية, فالبنك الذي يبني قراراته على أسس مهنية ومؤسسية, لا يلتفت الى الانطباعات ولا للشائعات , ولو أن الأمر كذلك لفقد البنك صفته كمؤسسة مهنية مصرفية لا تتأثر بالضغوط عندما تحدد سياساتها.
العالم يعود مجددا للتمسك بمبدأ استقلالية البنوك المركزية , التي يجب أن تترك لشأنها في اتخاذ القرارات دون أية ضغوط , على الأقل كان هذا المحور من أهم النقاط التي نوقشت في منتدى دافوس مؤخرا, بالنظر الى التوقعات المتضاربة حول ما يمكن انتظاره من البنوك المركزية , من توجهات بين اتباع سياسات التيسير الكمي أو إبداء المزيد من التشدد في ظل تبدل توقعات النمو العالمي الذي يبدو أنه سيميل الى التباطؤ.
هناك من يعتقد أن المركزي يجدف عكس التيار عندما يخالف رأيه أو مصلحته والحقيقة هي أن البنك كان ولا يزال بيت الخبرة فكما أنه محطة إنذار مبكر هو أيضا نقطة ارتكاز معادلة التوازن فهو ينظر الى الكأس الملآن في تقييمه للمخاطر وتعظيمه للمزايا , فالاقتصاد يواصل مسيرته التنموية بخطى ثابتة مستندا الى مكتسبات الاصلاحات الكلية والهيكلية ومدعوما بارادة سياسية قوية ولولا هذه السياسات الاصلاحية التي بدأت عام 99 والتي يخطئها البعض من غير المتخصصين لما تمكن الاقتصاد الأردني من الصمود في وجه موجات عارمة من الأزمات التي أحالته الى خبير لا يتقن إدارتها فحسب بل يحيلها الى فوائد.
ثمة ثوابت في السياسة النقدية , لا نقول إنها لا تتغير أو لا تخضع للمراجعة, لكن ما يميزها هي أنها تلائم أوضاع وظروف الاقتصاد الأردني , وفي كل مرة كان يراها البعض من وجهة نظره خاطئة , كانت الأحداث تثبت صحتها.