لا شك انّنا نعيش في منطقة الشرق الأوسط التي تحرثها مخطّطات الكثير من الدول الكبرى بهدف تحقيق مصالح واهداف مختلفة حسب الدولة التي تريد ان تكون المنطقة ملعبها بما فيها من ثروات وموقع مميّز ومذهب معيّن واهداف استراتيجيّة علما بأنّ معظم تلك الأهداف تتماشى مع مصالح الدولة العبريّة وحكّامها الصهاينة .
وهذه المنطقة كأنها لعبة بأيدي الصهيونية التي قال احد زعماؤهم ان قوتنا ليست بالقوة النووية التي نملكها وانما بتفتيت ثلاث دول هي العراق وسوريا ومصر وجعلها دولا متناحرة على اسس مذهبية وقد قال عضو مجلس شيوخ امريكي بعد ان اصبحت امريكا لعبة بيد الصهيونيّة فلم يبقى غير تبديل اسم نيويورك الى اسم جويورك ونتلقّى التعليمات من تل أبيب .
ومنطقتنا منذ مائة عام وحدودها تحت التعديل والتقسيم وشعوبها تحت التجويع والتدجين وزعماؤها تحت الترغيب والترهيب والتهديد والتبديل والذي يمسك زمام المبادرة الصهاينة بعصى اوروبيّة أحيانا أو عصى امريكيّة احايين كثيرة مستخدمين ما يملك الصهاينة من قدرة على السيطرة على محاور المال والإعلام والغرائز في هذا الكون والتي بواسطة احد هذه المحاور او كلِّها تستطيع السيطرة على العالم كيف لا وهم ملوك الرشوة والفضائح والجنس في العالم .
وكان مركز عمليّات الصهاينة هي القدس لأنها مركز العالم ونقطة التقاء القدسية لدى المسلمين والمسيحيّين وهي بعيدة عن مكّة نقطة تجمّع المسلمين وكذلك بعيدة عن الفاتيكان نقطة تجمّع المسيحيّين وجعل الصهاينة من فلسطين ملعبا لهم تحت إدّعاءات قوميّة وتاريخيّة ودينيّة مستخدمين اساليب عطف وشفقة العالم عليهم على ما حصل لهم في اوروبا من تهجير وحرق بعد ان زرعوا الحقد والفتنة في اوروبا .
وبينما حاول المسلمون والمسيحيّين التقارب من خلال مؤتمرات الحوار بين الحضارات والأديان وتعظيم مواقع التعايش لم يحاول الصهاينة إشراك اليهود بشكل قوي او حقيقي في تلك الجهود في حين كان همّهم واولويّتهم هو إعتراف العالم وخاصّة الشعب الفلسطيني بيهوديّة دولة اسرائيل لمآرب واهداف تخدم الخرافات والأحقاد الصهيونيّة الشيطانيّة .
وقد دأبت الصهيونيّة على خلط الأوراق في العالم وخاصّة في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة من خلال بث بذور التفرقة والتشكيك بين فئات الشعب الواحد وبين الشعب وحكّامه وذلك ببث الإشاعات وإيجاد طابور خامس لإنهاك الجبهة الداخليّة وإذكاء الخلافات بين كل دولة وجيرانها حتّى انهم اتعبوا شعوب المنطقة وحكّامها بل واتعبوا الإسرائيليّون انفسهم لأنّ دائرة السوء والفساد دارت على الشعب الإسرائيلي وحكّامه ولكن لما يدّعونه من نظام حكم ديموقراطي وكبر دخل الفرد نسبيّا كان تأثير دائرة السوء عليهم قليلا حتّى الآن.
وقد لعب الصهاينة دور الشيطان منذ تأسيس الجامعة العربية قبل منتصف القرن الماضي وذلك بإذكاء الخلاف بين الدول المؤسسة حول النظام الداخلي للجامعة واستمرت بعدها بزرع الفرقة بين الدول العربيّة حتى باتت الجامعة بلا مفعول بل اصبحت احيانا كثيرة اداة خلاف وفرقة بين اعضاء الجامعة .
وقد رأينا كيف أدّى خلط الأوراق الى كوارث في كل من لبنان والسودان ومصر وليبيا واليمن والعراق وسوريا وغيرها ويلعب الصهاينة في كل بلد على تعظيم عوامل الخلاف بين ابناء الشعب الواحد مهما كانت تلك العوامل بسيطة وسواء كانت بذور تعلقت بالدين او القوميّة او الأصول تقوم بإروائها بماء الحقد والكراهية حتّى تُنبت غصونا من الفتنة والمرارة في النفوس الضعيفة سرعان ما تمتد الى شرائح اوسع من المجتمع في ظل غياب الديموقراطية والإعلام الوطني التوعوي وراحة البال والعيش السهل الكريم فتتنامى بكتيريا الفتنة لتخترق الجسد المنهك اصلا من الإلتزامات التي ينوء عن حملها فينخر السوس فيه في بيئة يسود فيها الفساد والعجز .
والذي يزيد الأمر سوءا في منطقتنا الملتهبة هو ضعف معظم دولنا حكّاما ومحكومين مما يجعل الصهاينة يتفنّنون بخلط الأوراق كما يشائون ويحقِّقون المزيد من اهدافهم حسب المخططات التي وضعوها منذ مائة عام ويجرون التعديلات اللازمة على خطواتهم التنفيذيّة حسب الظروف وبما يسهِّل عليهم تحقيق المزيد من الأهداف الإستراتيجيّة باقصر الآجال .
حمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة وابعد عنه أيّْ مخاطر .
احمد محمود سعيد
20 / 1 / 2015