عند مطالعة او مشاهدة وسائلنا الاعلامية في هذه الايام المقروء منها والمرئي نلاحظ ان هنالك تمايز كبير بين جوهر الرسالة الاعلامية ومضامينها الممنوحة للمشاهد او القاريء , فما يتم تلقيه من مفاهيم الاعلام في الجامعات اصبح اليوم مجرد تذكرة عبور للكثير ممن اتخذوا هذا العلم كوسيلة للعيش والبقاء , فغياب الحس الاعلامي الشفاف الذي هو مطلب للمواطن تكرس اليوم بصور متعددة تراوحت بين المصلحة والمهادنة والنفاق , وهذه الحالة رغم وجودها باكبر مؤسسات الاعلام الاوروبية الا انها تميزت ببلادنا بظهور الحس الدكتاتوري لدى راسمي سياساتنا الاعلامية بمختلف وسائلها ومنابرها , فالقنوات الرسمية والقنوات الخاصة والصحف على اختلافها بين ورقية ومقروئة الكترونيا اصبحت جزءا لايتجزأ من تلك المشكلة التي تنعكس اثارها سلبا على المتلقي اي كان , فاليوم اصبح شعار" اكتب كما اريد"أو "انطق بما نريد" هو المقبول والا فانت خارج السرب! لذلك يتسائل الكثيرون هل الشفافية والحرية التي تنادي بها المؤسسات الاعلامية اصبحت مجرد شعار فارغ من المضامين المزعومة ؟! ام ان الشعارات المطروحة اصبحت مجرد وسيلة جذب لتمييز تلك المؤسسة عن سواها ؟!! وللاجابة عن بعض تلك التساؤلات نشير بأن مبدأ الشللية المنبثقة عن اختلافات حزبية اضحت اليوم طابع مميز لكثير من الوسائل الاعلامية بحيث ان الترويج لفكر معين اضحى طابعا واضحا لسياسات الكثير من تلك المنابر الاعلامية التي يرتادها المواطن بين الفينة والاخرى , فالمؤسسات ذات الطابع القومي او الديني او الوطني تترواح سياساتها الاعلامية بين مؤيد للنظام القائم وبين معارض وبين وسطي لهذا تستقطب ماهو قريب لنهجها وتنبذ ما هو مغاير لتطلعاتها , لهذا السبب لن يكون في المدى المنظور اعلاما يتلقاه المواطن يلبي طموح الجميع من شرائح المجتمع المحلي اي كان , حتى اصبح الطابع الدكتاتوري ميزة تلازمنا بما نتلقاه من وسائطنا الاعلامية على اختلافها , ومن صور تكريس مبدأ الدكتاتورية الواضحة اعلاميا هذه الايام هو مانشاهده من تبني فكر وسياسة معينة وجذب الانتباه لها والمناورة من خلال حصد المؤيدين وجرهم للاذعان والتبعية قسرا وباساليب وصور جاذبة , وكذلك محاولة اشغال المواطن بما هو خارج عما يرسمه الاخرين كفكر قابل للنقاش والمشاركة , وهذه السياسات الاعلامية وللاسف اصبحت اليوم ركائز هامة تسترشد بها غالبية منابرنا الاعلامية على اختلافها وتنوعها , حيث ابتعدت غالبية الصحف والفضائيات عن دورها الريادي المميز الذي بنيت عليه فترواحت اهدافها وعلى حساب القضايا المصيرية للمواطن والدولة على حد سواء , فكرست من خلال ذلك دكتاتورية الفكر وغيبت الشفافية واصبح المواطن لايثق بمصادر الاعلام كمصادر توجيه وارشاد حقيقية , لذلك نتمنى ان تعود مختلف وسائلنا الاعلامية لممارسة دورها الوطني الذي يتخذ من هموم المواطن ركيزة هامة لعملها وانتشارها وان تترك تلك الوسائل اهداف المصلحة والانانية المقيتة ......
( ملاحظة لا اقصد صحيفة بعينها بل هدفي هو الرجوع للواجب الاعلامي المقدس مع احترامي لجميع الوسائل الاعلامية الشفافة )
nshnaikat@yahoo.com