قبل اكثر من عشرين عاما كنت اتابع على احدى شاشات التلفزة الاسرائيلية برنامج خاص يتحدث عن دور الاجهزة الامنية بضبط حركة السير من والى الداخل الاسرائيلي ,
وكانت مقدمة البرنامج بدولة الكيان الصهيوني عادة ما تستضيف رجال امن او صحفي من احدى الصحف الاسرائلية ليطلع المشاهدين على الدور المميز والذي تقوم به شرطة السير بكبح المخالفات بالشوارع والتي اساسها الشبان والسائقين العرب متغاضية عن اي مخالفة تسيء للجانب الاسرائيلي , فكان ذلك البرنامج يحظى بكثرة المتابعين له في الدول العربية المجاورة ,
المهم في الموضوع ان هيئة التلفزيون الاسرائيلي كانت تختار بعناية تامة المذيع او المذيعة بدرجة وكفائة عالية , فكان الاساس هو الخبرة التي تولدت بعقلية الاعلامي على مدار السنين فالمشاهد عندما كان يتابع ذلك البرنامج يستشعر مدى حرص اتلك القناة على تقديم ماهو نافع ومفيد علما ان هناك رسالة مبطنة لتصوير حجم التخلف بالجانب الفلسطيني ارادت اسرائيل ايصالها لمن يحملون الجنسية الاسرائيلية اولا ثم للداخل العربي للتقليل من مدى الثقة بين المواطنين العرب ,
مذيعة تلك القناة لم تكن بيوم من الايام شرطي سير او رجل امن بل عبارة عن امرأة تستخدم خبرات السنين التي تعلمتها من خلال المتابعة لدور رجال السير والشرطة اضافة لما تحمله من مؤهلات اكاديمية وانتماء وطني لقضية الشعب اليهودي ودولة اسرائيل , كنا نشاهد تلك المذيعة ولايهمنا ان عينيها زرقاوتين او شفاهها وردية بل كان جل اهتمام المشاهد هو فحوى الحوارات المثيرة للجدل احيانا والمميزة احيانا اخرى , فكانت الاسس السليمة التي بنى عليها الاعلام الصهيوني مؤسساته الصحفية والتلفزيونية قائمة على عناصر الخبرة والانتماء من ناحية وعلى الثقافة الواسعة وحسن الاطلاع من ناحية اخرى ,
فهل يأتينا يوم كعرب او اردنيين تكون اسس الاختيار عندنا مميزة عندما يكون الهدف هو تقديم مذيع او صحفي للحديث عن هموم الوطن وسياساته الداخلية والخارجية ؟! نحن اليوم وللاسف الشديد اصبحت محطاتنا الفضائية الاخبارية منها او الدعائية لاتستند على الاسس التي تخدم الوطن والمواطن بقدر ما تتداخل اسس الاختيار للاعلاميين مع حجم المحسوبية والواسطة , فغاب عن برامجنا محور هام جدا وهو المصلحة العامة واستعيض بدلا منها بمصالح فئوية او تجارية بحتة ,
ولذلك ستبقى معاناة الاعلام العربي الموجه لابراز قضايا الوطن في تصاعد ان لم يتم كبح المحسوبية والمصالح الخاصة بأسس اختار القيادات الاعلامية , ففي هذه المحطة نشاهد فتاه تتمايل واخرى صغيرة السن لحد ماء او جميلة جدا والمواطن يسترق النظر اليها دون معرفة بطبيعة البرامج التي تقدمها او ان قدرتها على ادارة البرامج المؤثرة والتي تخص المواطن ومصلحة الوطن ضعيفة جدا وهكذا, لذلك يجب على القائمين على صنع الرسائل الاعلامية سواء بفضائياتنا المسموعة او المنظورة ان يؤسسوا لسبل اختيار سليم ونافع من معدي البرامج والاعلاميين لما يخدم بالدرجة الاولى المواطن والوطن , فأحمر أخضر اصفر بنوعية المذيعين ليس مهما بقدر اهمية تمايز تلك الالون بعقلياتهم وافكارهم ...
nshnaikat@yahoo.com...................
nshnaikat@yahoo.com...................