لعل ابي العلاء المعري قد طوى صفحة تشابه رسمها صفحة في سجل تاريخنا الحديث حين لم يكن من الحرية سبيل الا الانعزال ولا للاعمى حل سوى الرضى بالحال...ولكن بصيرة الشاعر النافذة وسفره الحقيقي القادم من فهم وادراك لمعاني الاشياء قد وضعه قيد مبادئه الخاصة ولا غرابة حين سطر حياته بعلم ومعرفة ما زالت حتى وقتنا الحاضر ...
ان ما يقلقني في بلدي هو حالة توازت كلماتها حين انعكست معانيها وتغير هدف عناوينها لصالح من سن قوانينها...وكانت خطوطها الحمراء طوق نجاة للفاسدين وحبل مشنقة على طبقة انحنت دوما لتزرع ارضها وتدق صخرها لتبني وطن الحرية الموعود...
ان تاريخ دولتنا غريب عجيب ....فلا أجد بداية حقيقية استهل بها سرد منطقي لاحداث مضت عاث بسجلاتها كتاب ومؤرخو الخيانة وشوهوا صورها مستغلين غفلة قوم حتى تلقيني نهاية قصتها على وقع حال متردٍ اصبح فيه صاحب الارض رهين محبسي الفقر والظلم....
ان المعري هو من سن قوانينه في حين اننا ما زلنا رهن قوانين الفقر والفساد التي سنتها فئة غازية ما زالت حاضرة في شخصياتها وان اختلفت الاسماء....والاغرب في ذلك ان المعري أضاف جسمه المادي سجنا اخر فحبس نفسه وتزدنق في انشقاق غير مسبوق لمفهوم الانسانية البسيطة ... وهنا نضيف على رهيننا الاردني سجن اخر هو جسم الدولة أشخاص ما زلنا رهائنهم توارثوا المناصب واستلموا عصا الفساد والخيانة من سالفيهم فاي من حاول البحث عن خلاص فلا مناص....
المواطن الاردني رهين محابس اجبر عليها ليتغوط في مقعده ومكبلا بسلاسل الخوف من الجوع والارهاب ومكرها لا بطل في الرضى بمستقبل يرسم في حانات الافلاس الاخلاقي ومجالس النفاق الديني ....
لم اقرأ عن دولة تهمش شعبها وتستهتر بفكره وتلقي ابسط حقوقه في حاويات الاعذار الاقتصادية ...لم اجد تحليل تاريخيا في نسبة عظيمة من شعب يكون فيها غريبا في بلده ....لم أجد مفهوم ايجابيا لجنسية الاردنية لا تمنح مواطنها ادنى امتيازات الاحترام لكي يتظلل بها تارة او حتى لينتحل لفاسد من خلالها عذرا في فساده....
هذا من جناه علي أبي وما جنيت على احد.....