"من أمنَ العقوبة أساء الأدب "
الزجر هو المنع والنهي عن أعمال السوء، والردع هو كبح ووقف الاندفاع وراء النزعات وإشباع النزوات التي تميل إلى امتلاك الأشياء بالقهر والقوة دون وجه حق ، فالتشريعات السماوية وسلطة القانون الوضعي يمثل الدور الإيجابي الهادف إلى منع وردع الانحرافات السلوكية الصادره عن شعور الفرد أوالجماعة بإرتكاب الجرائم المشينة والفاضحة .
إن تنفيذ حكم الإعدام في الأردن وجد تأييداً وترحيبا شعبياً واسعاً وذلك لما إقتضته الحاجة الملحة للحد من الجرائم التي تغلغلت بشكل ملفت للإنتباه ومبالغاً به في ظل الإنفلات الأمني والتساهل وتغيب تطبيق القوانين الرادعة لدرء المجرمين الذين أساءوا فهم معنى الحرية.
وحول عقوبة الإعدام في الإسلام وجدنا مقالا للكاتب محمد قانصو نقتطف منه :-
" يمتد تاريخ العقوبة بامتداد التاريخ البشري على وجه الأرض،فمنذ وقوع الجريمة الأولى وهي قتل قابيل لأخيه هابيل تأسس مبدأ العقوبة ،وعوقب قابيل على جريمته ، وهكذا فإن الرسالات السماوية تضمنت تشريعات وأحكام حددت بموجبها العقوبات المترتبة على من إقترف جرماً أو إرتكب جناية .
ولا يكاد يخلو مجتمع قديماً أو حديثاً من شريعة ونظام يحدد بموجبه قانون العقوبات والقصاص المستحق لمن إرتكب جرماً،وهذا ما نلحظه في الشريعة الإسلامية من خلال الآيات القرآنية
قوله تعالى:(ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) آية 179 من سورة البقرة ،
وقوله تعالى :(وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) آية 126 من سورة النمل،
ومن الأحاديث النبوية قوله صلى الله عليه وسلم ( إدرؤوا الحدود بالشبهات ) .
العقوبة في الإسلام تقوم على مبدأ حفظ المصالح العامة والفردية في المجتمع وهي تستمد وجودها وشرعيتها من خلال النص القطعي الذي يبين كيفيتها وحدودها في الحدود والقصاص ويحدد المساحة التي يستطيع من خلالها الحاكم أو القاضي أن يجتهد في باب التعزيزات،كما أن العقوبة في الإسلام شخصية وذلك بمعنى أنها لا تطال إلا مرتكب المخالفة وحده ولا تتعداه إلى غيره ،وذلك تحقيقا للعدالة التي على أساسها قام مبدأ العقوبة،
قال تعالى : (كل نفس بما كسبت رهينة ) سورة المدثر آية 38
وقوله تعالى : (وان ليس للإنسان إلا ما سعى ) آية 39 من سورة النجم.
حيث راعت العقوبات الإسلامية كلا الطرفين الحق الفردي والحق العام و وازنت بينهما،فتغيرت من الإنتقام الفردي والعام إلى العدل. فالقصاص وإن كان في ظاهره موتاً لشخص المجرم ولكنه في الحقيقة يكون حياة لباقي المجتمع وتهدئة لخواطر أولياء المقتول وإمتصاصاً للغضب والنقمه لدرء توسع دائرة القتل والثأر ،فإذا علم من أراد القتل انه سوف يُقتل إذا قتل إنسانا فان ذلك سوف يدفعه إلى الامتناع عن القتل خوفا من العقوبة التي ستناله،وبذلك يحفظ حياته وحياة من كان يريد قتله وبذلك يتحول قانون العقوبات إلى مادة وقائية تحذيرية "
و في الموسوعة الحرة :
"عقوبة الإعدام ، عقوبة الموت ، أو تنفيذ حكم الإعدام هو" قتل شخص بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع وتعرف الجرائم التي تؤدي إلى هذه العقوبة بجرائم الإعدام أو جنايات الإعدام .
وتعد عقوبة الإعدام قضية جدلية في العديد من الدول ومن الممكن أن تتغاير المواقف في مذهب سياسي أو على النطاق الثقافي للشعوب وثمة إستثناء كبير بالنسبة لأوروبا حيث أن المادة الثانية من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي يمنع تطبيق عقوبة الإعدام ينص على مايلي :
1- كل شخص له الحق في الحياة.
2- لا يحكم على أي شخص بعقوبة الإعدام أو يتم إعدامه .
ترى منظمة العفو الدولية أن معظم الدول مؤيده لإبطال هذه العقوبة ،مما أتاح للأمم المتحدة أن تعطي صوتا بتأييد صدور قرار غير ملزم لإلغاء عقوبة الإعدام ،لكن أكثر من 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبق هذه العقوبة ومنها :جمهورية الصين الشعبية ، والهند ، والولايات المتحدة ،واندونيسيا وتعد هذه الدول أكثر دول العالم سكانا" .
وبالنسبة للأردن فقد جاءت استطلاعات الرأي العام مؤيده لتفعيل تنفيذ حكم الإعدام للحد من الجرائم ، كما جاء الاستطلاع مخالفا لرأي الأصوات بعض الدول والمنظمات الحقوقية الدولية التي تنتقد تنفيذ و تفعيل حكم الإعدام بحق المجرمين الخطرين، فخصوصية وثقافة ومفاهيم الشعوب يجب أن تحترم مادام أنها تعبر عن الرغبة والإرادة الحره التي تختار الاختيار الصحيح وفقا للضرورة لتلبية الحاجات والمصالح للمجتمعات والشعوب .
وفي النهاية إن تأجيل تنفيذ حكم الإعدام بحق المجرمين يعد نوعاً من أنواع الألم والعذاب النفسي للشعور بالموت ليلة بعد ليلة .
حمى الله الأردن