على مدى السنوات الماضية هجر جهاز الأمن العام واجباته الأساسية ،وتورط بغثاء عمل الدوائر والمؤسسات الحكومية المتعثرة ،وذهب باتجاه مخالفات البيئة ،ورعاية شؤون خادمات المنازل، ومعالجة مشكلة الاتجار بالبشر غير الموجودة ، وصلاحية الأغذية ،والكثير من المهام المرتبكة التي أضعفت مناعة الجهاز تحت عناوين الأمن الشامل والأمن الناعم ، وغيرها من المسميات المستوردة المشبوهة . الحفاظ على البيئة ورعاية الخادمات مهم ، لكن مكافحة المخدرات أهم والتصدي للتطرف والإرهاب في هذه المرحلة الخطرة بالذات أكثر أهمية من التصدي لمخالفة صيد طائر اللقلق او مالك الحزين .
إطلاق يد الجهاز لمواصلة تنفيذ عمليات الضبط والقبض القانونية كان نشاطا امنيا منتجا بامتياز ،ويعني الرجوع إلى الأعراف الأمنية الأصيلة، وربما يكون بداية لفصل الحابل عن النابل، وإزالة حالة اختلاط المهام والواجبات وتشعبها ،والتخلص من الشوائب التي نأت به عن واجباته الأساسية ،وحملته أعباء إضافية مؤذية ،أعاقة طريقه لضبط الجريمة .
ثمة حركة تصحيحية ان - جاز التعبير - تلوح في الأفق بعد هذه الصولات المباركة ضد المجرمين ، ويبدو وأن مرحلة الثبات الأمني الشامل قد بدأت، وانتهى معها عهد الحملات الأمنية لمعالجة الفراغ الأمني، وستنحسر رقعة البؤر الساخنة التي يتحدث عنها الناس، ولعلها أصبحت في طريقها إلى الزوال ،وسيعزز تعديل المسار الأمني هذا الاستقرار وسينفع الناس ويمكث في الأرض . رغم وعورة الطريق والهجمات المضادة التي بدأ يشنها المجرمون ومؤازروهم .والتي لن تضر نشامى الأمن العام إلا أذى.