من مفارقات قانون العقوبات الاردني التي لا تخطر على بال أن إهمال أطعام الدواب أو ضربها أهم وأخطر من احترام قرارات قاضي المحكمة، وفي الحالين فان اقل عقوبة في قانون العقوبات أن تضرب بأمر القاضي عرض الحائط وترفض الامتثال له، وللعلم فان قانون العقوبات يتكون من 475 مادة وآخر المواد هو ما يعنى بمخالفة امر القاضي والامتناع عن تنفيذه، وتسبقها مادة متعلقة بالاهتمام بالحيوانات وإطعامها ومنع ضربها، أي أن الاهتمام بالحمير والدواب والكلاب والقطط مقدم في قانون العقوبات الأردني على تنفيذ أوامر القاضي وهيبة القضاء فلا حول ولا قوة الا بالله.
أما كيف ذاك فإليكم التفاصيل :
المادة 472 من قانون العقوبات تعاقب بالحبس حتى أسبوع و بالغرامة حتى خمسة دنانير كل من يترك حيوانا داجنا بدون طعام أو يضرب حيوانا أليفا بقسوة أو يثقل حمل الحمار أو يقوم بتشغيله وهو غير قادر على العمل..
وأما المادة 473 فنصت على (يعاقب بالحبس حتى أسبوع أو بالغرامة حتى خمسة دنانير أو بكلتا العقوبتين من أمتنع عن تنفيذ أي قرار تصدره أية محكمة نظامية من أجل القيام أو عدم القيام بأي فعل)، وهكذا فان إهمال الحيوان عقوبته الحبس أسبوع والغرامة خمسة دنانير مجتمعتين أما رفض تنفيذ أوامر القضاء فعقوبته الحبس حتى أسبوع (أو ) الغرامة حتى خمسة دنانير!!.
ما الذي يمكن قوله في تشريع وضعه رجال دولة يساوون بين عدم احترام (الدابة ) وعدم احترام أوامر القضاء؟؟، بل إن العقوبة على جرم إهانة (كلب اليف) أشد من العقوبة على إلقاء أوامر القاضي في النفايات ورفض تنفيذها.
والغريب أن الحكومة السابقة انكبت على مراجعة قانون العقوبات وأعملت فيه مبضع الجراح تعديلا وحذفا ولم يكلف وزير العدل في حينه خاطرة الاهتمام بهيبة واحترام ونفاذ أوامر القضاة، متناسين أن مثل هذا الفعل يعرقل سير العدالة، ولنفرض مثلا أن القاضي أمر بتزويد المحكمة بينة أو وثيقة لدى أي دائرة من دوائر الدولة لاستجلاء العدالة في قضية منظورة فرفض الموظف المسؤول تنفيذ القرار لمصلحة طرف دون طرف فما الذي يردعه حين تكون المصلحة أهم بكثير من خمسة دنانير؟؟
وعلى هامش الموضوع فان في قانون العقوبات أمثلة مفزعة على سطحية الاهتمام بالإنسان فعقوبة من يحدث الضوضاء بصورة (تسلب راحة المواطنين ) غرامة حتى خمسة دنانير - المادة 467 فقرة ا، ومن (يرمي الحجارة أو القاذورات نحو السيارات والأبنية عقوبته خمسة دنانير غرامة - المادة 467 فقرة 2، وكذلك عقوبة من يفلت كلبا شرسا لمهاجمة المارة خمسة دنانير غرامة.
كيف يمكننا أن نقول أن القضاء هيبته محفوظة وقراراته ملزمة في ضوء مثل هذه النصوص القانونية التي يشعر المرء أنها وضعت عن قصد ودهاء وليس عن جهل وغباء.
نستحق جائزة دولية على الرفق بالحيوان، وجائزة أخرى على براعة التشريعات العقابية ودقتها!!