لم أتمالك نفسي من الضحك حين سمعت أن مجلس النواب أقر مشروع قانون يجرم مخالفة فتاوى دائرة الإفتاء، ويعاقب من يخالفها بالحبس والغرامة.
أعتقد أن أول من سيكتوي بنار هذا القانون إن مرّ هم الوزراء والمحافظون والسلطة التنفيذية!
ترى ما رأي دائرة الإفتاء ببيع الخمور وترخيص محلاتها؟
وما راي دائرة الإفتاء بالمهرجات التي تستضيف فنانات يقفن شبه عاريات على المسارح كمهرجان جرش مثلا؟
وما رأي دائرة الإفتاء بالموافقة على دخول الفنانين والراقصات لإحياء حفلات رأس السنة؟
وما رأي دائرة الإفتاء بترخيص النوادي الليلية؟
وما رأي دائرة الإفتاء بما يقدم على شاشة التلفزيون الأردني؟
بالتأكيد فإن دائرة الإفتاء لا تجيز مثل تلك الأمور وغيرها كثير، لكن السلطة التنفيذية تخالف ذلك، بل وتقنن تلك المخالفات الشرعية وتحميها.
إلى هنا كنت أحلم، ثم تمعنت بالخبر جيدا، وإذ بالقانون مفصل لمن يفتون بما يخالف الفتاوى الرسمية وفي القضايا العامة، ولا أدري إن كان مشروع القانون قد عرف «القضايا العامة»، لكن الغالب هو تعويم التعريف لتتمكن السلطة التنفيذية من تكييفه كيفما تشاء لمن تشاء وقتما تشاء.
إذا تبين أن المقصود بالقانون ليس الحكومة، وليس تلك المسائل «الصغيرة» التي طرحتها سالفا، فالحكومة أكبر من أن تتدخل في مثل هذه الشؤون!
المقصود بالقانون هم علماء الدين الذين يخالفون رأي الإفتاء في القضايا التي لا تريد الحكومة أن يكون فيها رأيان، تريد قمع أي رأي يخالف رأيها، فمثلا لو أفتت دائرة الإفتاء بجواز عقد اتفاقية وادي عربة مع الكيان الصهيوني، فسيتعرض كل من يقول خلاف ذلك من علماء الدين للسجن والغرامة، وإذا أفتت دائرة الإفتاء بجواز استيراد الغاز من «إسرائيل»، فسيتعرض كل من يقول خلاف ذلك من علماء الدين للسجن والغرامة، وهكذا.