الارتفاعات المتكررة في أسعار المشتقات النفطية بعد تطبيق سياسة التحرير بالكامل في تشرين الثاني من عام 2012 ألقت بظلالها على أسعار السلع والخدمات ومنها النقل العام، كل ذلك في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي الذي أبرم في آب من نفس العام. اليوم تعلن وزيرة النقل لينا شبيب عن تخفيض أجور النقل العام في المملكة بداية الشهر المقبل، عبر إذاعة محلية، لكنها لم تحدد نسبة التخفيض التي ستطرأ، بعد أن هوت أسعار النفط لأكثر من 45 في المئة منذ حزيران الماضي وتبعها أكثر من تخفيض على أسعار السولار والبنزين.
لكن ما ينتظره الناس تحرك جدي تجاه أسعار السلع وتحديدا الغذائية الأساسية التي شهدت ارتفاعات غير مسبوقة بحجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وما تبع ذلك من زيادة في أسعار الكهرباء التي تنتفي أسبابها الآن بسبب انخفاض كلفة التوليد.
لا ندعو إلى العودة لتسعير السلع أو التخلي عن سياسة السوق المفتوحة، لكن بالإمكان ضمن تفاهمات ضيقة بين رجال الأعمال والتجار والحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة الوصول إلى تفاهمات بشأن سلع أسعارها الآن عند مستويات غير مبررة.
الوزارة تعرف ولديها إحصاءات أسعار وتسعير الجملة، وحتى مقدار الكميات المستوردة وتستطيع أن تحاجج هؤلاء وتضغط باتجاه خفض الأسعار، وبالتأكيد سيكون رد هؤلاء بالطلب بعدم رفع أسعار الكهرباء بداية العام.
في كل الأحوال الحكومة مسؤولة عن الفوضى الحالية وهي التي تلتزم الصمت تجاه انخفاض أسعار النفط عالميا بينما كانت تئن عندما كانت الأسعار عالية وتسوق الحجة بعد الأخرى في رفع السلع والنقل والكهرباء.
مسؤولية الحكومة اليوم أكبر كون معدلات دخل الفرد ما زالت دون المستويات المقبولة والزيادات السنوية التي تفصح عنها الإحصاءات العامة تبقى ضمن نسب متواضعة مقابل معدلات تضخم بلغت في بعض الأشهر 10 في المئة وهي الفترة التي تلت تحرير سوق المشتقات.
وإذا عجزت الحكومة عن التوصل إلى تفاهمات أو إلى آلية لعودة استقرار سوق السلع والخدمات فهنالك بديل يتمثل بالاستمرار في صرف دعم بدل المحروقات، كونها بالأصل مستحقة للطبقات الفقيرة التي تأثرت بشكل مباشر جراء ارتفاع الأسعار.