وقف الاردنيون امس على رؤوس اصابعهم، وقلوبهم منقبضة، وهم ينتظرون اية معلومة حول الطيار الملازم اول معاذ الكساسبة الذي وقع اسيرا لدى تنظيم داعش، وهذا ليس غريبا ولا مفاجئا، فمعاذ ليس لعشيرته واهله، بل هو للوطن كله.
في هذه اللحظات هناك حلقة ضيقة تتعامل مع ملف الضابط معاذ، وهذه الحلقة مجربة في هذه المواقف جيدا، وقد نجحت في تحقيق انجازات كبيرة، كان آخرها السفير الاردني في ليبيا فواز العيطان.
لهذا لا يحاول احد ان يزاود على احد، او يقدم دروسا في الوطنية نيابة عن غيره، كما لا يحتاج الامر الى بيانات، ومواقف ارتجالية، واقتراحات بمبادلة معاذ بعناصر محسوبة على التنظيم، مسجونة في الاردن.
لا نحتاج الى اجتماعات عشائرية، ولا الى هبّات ارتجالية، فمنذ اللحظة الاولى، اعلن اهل معاذ انه اسير وطن، لا اسير عشيرة، وكل ما يتعرض له معاذ محسوب على الدولة بكافة عناصرها، ولذا علينا مثلما قال اهل معاذ "أن ننسى خلافاتنا ونتوحد لاطلاق سراحه ومواجهة الدواعش المتطرفين".
ما حدث للضابط معاذ في التقديرات العسكرية متوقع في اية لحظة، وإن لم يكن معاذ فغيره، او اي شخص اخر من الدول المشاركة في التحالف الذي يحارب تنظيم داعش.
ليس الان مدار الحديث عن مشاركتنا في الحرب على داعش، وجدوى هذه الحرب، فهذه قضية حسمت مبكرا، وأصبحنا طرفا رئيسا في هذه الحرب، لانها حرب الجميع، ومن يقول غير ذلك في هذه الظروف فهو يساهم بشكل غير مباشر في دعم روايات التنظيم الارهابي، ويساند حواضنه وخلاياه النائمة في البلاد.
ما يهم الان هو تأمين سلامة الضابط معاذ ليعود الى اهله ووطنه سالما غانما معافى، وليس مهما صيغة البيان الرسمي الذي صدر، ولا كيفية تعامل وسائل الاعلام الرسمية مع الحدث، ولا اي خطاب اعلامي او رسمي يخرج عن الناطق الرسمي او اي طرف حكومي، المهم ان تبقى الحلقة الضيقة امام خيارات عديدة، ملخصها الرئيس المحافظة على حياة معاذ.
على وسائل الاعلام ان لا تتسابق في الحصول على معلومات بهدف النشر فقط، وقد يتم نشر معلومات من دون التدقيق فيها تضر بمسارات القضية.
من يتشاطر الان ويقول بعدم جواز ان تُمس هيبة الدولة من خلال الحوار مع تنظيم ارهابي، فليصمت قليلا، ويترك التقديرات لصنّاع الحدث، ولا يضغط على مسارب العملية، حتى يعود الطيار معاذ الى وطنه، وهذه هي الاولوية على كل شيء.