عصام قضماني
رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الاردني للعام 2015 الى 3.8 % لكنه أقل من توقعهات الحكومة عند 4 % .
محور توقعات الصندوق للنمو بنيت على إيجابيات وسلبيات تراجع أسعار النفط على الاقتصاد وفي مقدمة هذه السلبيات توقع تراجع حوالات العاملين في الدول المنتجة للنفط والتصدير والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة من دول الخليج .
أخر اجتماع عقدت اللجنة الوزارية المشتركة بين الأردن والامارات وهي اليوم أكبر الداعمين للاقتصاد الوطني أعطى صورة معاكسة فدول الخليج ستزيد دعمها واستثماراتها العامة والخاصة لأسباب اقتصادية وسياسية وما اللقاءات الأخيرة على مستوى القيادات العليا في بعض عواصم دول الخليج الا انعكاس لهذه التوجهات .
صحيح أن تراجع اسعار النفط سينعكس ايجابا على فاتورة الطاقة المستوردة وسيقلص خسائر شركة الكهرباء الوطنية، ويوجه المال الخاص الذي كان يستنزف في الانفاق على المحروقات لغايات أخرى ، لكن الصحيح أيضا أن النمو الاقتصادي سيتأثر بتراجع سعر برميل النفط ومنه تراجع فوائضه في الخليج , فالاقتصاد ليس بمنأى عن ذلك والأردن ليس جزيرة منقطعة عن المحيط أو عن العالم .
في تقرير الصندوق ما نوافق عليه تماما , فقد آن الأوان لتغيير جاد في السياسات الاقتصادية لحفز النمو تعويضا للأضرار التي يمكن أن تقع جراء تراجع أسعار النفط ومن ذلك تحسين عمل المؤسسات العامة؛ بيئة الأعمال، وأسواق العمل، والسياحة والخدمات لتحويل طالبي العمل الى القطاع الخاص
إن كان زيادة الاستهلاك يعد أثرا ايجابيا لتراجع أسعار النفط ألا بعدا لمثل هذا الأثر فما يحدثه هذا التراجع من تخفيض للعجز في الميزان التجاري سيتكفل بافشاله الاستهلاك خصوصا لمكونات الطاقة و السلع المستوردة
تراجع سعر النفط بدأ فعلا يؤثر على مالية دول الخليج ويمكن رؤية ذلك بوضوح في أسواقها المالية ، وفي الاصلاحات الاقتصادية التي تعتزم تنفيذها مثل ضبط إنفاقها الخارجي ورفع الدعم .
بعض دول الخليج بنت ميزانياتها على سعر 100 دولار للبرميل , وإستمرار تراجعه أو ثباته عند مستوياته الراهنة سيدفع صناع السياسات المالية الى خيار تقليص المخصصات المالية للخارج تلافيا لتقليصها داخليا بما يؤثر على مواطني هذه الدول ورفاههم .
البيئة الاستثمارية المتميزة التي يحظى بها الأردن والقائمة على قواعد متينة عززها الاستقرار السياسي والأمني , كلام رائع لكنه لن يفي بالغرض إن لم يجد له أقدام تمشي على الأرض .