لقد قام الشعب بإنتخاب مجلس النواب من أجل أن يعملوا على تمثيلهم أمام السلطات، ومن أجل أن يتكلموا بلسان حالهم ويدفعوا عن حقوقهم، وأن يراقبوا آداء الحكومات.
لذلك يتم تنويع الجلسات في مجلس النواب حسب الحاجة الى جلسات قانونية من أجل التباحث في نصوص القوانين التي تتطلع الحكومة الى إقرارها، والى جلسات رقابية لمراقبة الآداء الحكومي وتقييمه وتقويمه.
ولقد خالف مجلس النواب تطلعات الشعب وأحلامه في العديد من القوانين التي تم إقرارها مسبقاً مثل قانون تقاعد النواب والوزراء، وتدخلت الإرادة الملكية السامية في النهاية إنتصاراً لإرادة الشعب والدستور على حد سواء.
واليوم يقوم النواب بفتح باب آخر للجدل والحوار من خلال التعديلات التي تم إقرارها على قانون ضريبة الدخل والذي بموجبه تستحق الضريبة على العائلة التي يزيد دخلها عن 28 ألف دينار أردني سنوياً، و4 الآف منها يتوجب على العائلة توفير الفواتير عنها.
وفي المقابل أعفى القانون الإستثمارات العقارية من ضريبة الدخل، والسؤال الهام هنا: لماذا يتم الإعفاء الضريبي عن هذا النوع من الإستثمار على الرغم من نشاطه الكبير في الأردن وأرباحه الكبيرة والتي تصل الى 35% من حجم الإستثمار وعدم حاجة الأردن الى مزيد من العقارات وعدم وجود أزمة في الشقق والسكن؟؟.
الجواب يكمن في إحدى ثورات الغضب للنائب فواز الزعبي والتي جاءت عقب إقرار قانون الضريبة في إحدى مجالس النواب عام 1994 وقال وقتها بأنه تم تخفيض قيمة الضريبة على البنوك بسبب تملك أحد الوزراء لأحد البنوك، وفي المقابل إحتج أحد مالكي شركات التأمين في المجلس مطالباً بتخفيض نسبة الضريبة على نشاطه وتكلل إحتجاجه بالنجاح بتخفيض نسبة الضريبة على قطاع التأمين.
ثم تبعه إحتجاج آخر من احد مالكي شركات الأسفنج مطالباً بتخفيض نسبة الضريبة على شركته ليتم تخفيض نسبة الضريبة على مدخلات الإنتاج. ثم تعالى صوت مالك إحدى شركات التعدين ليطالب هو الآخر بتخفيض نسبة الضريبة ليتم ما آراد.
ثم قال النائب فواز الزعبي أن الخزينة تخسر ما معدله 900 مليون دينار على شكل ضرائب بسبب تنفذ العديد من الوزراء والنواب الذين يدافعون عن مصالحهم ونشاطهم متناسين دورهم في الدفاع عن المواطن والوطن.
وفي المقابل هنالك العديد من القطاعات التي تشهد ضموراً في النشاط على الرغم من أهميها للوطن والمواطن بسبب إرتفاع حجم الضرائب عليها وغياب المدافعين عنها في مجلس النواب الموقر مثل قطاع الزراعة والثروة الحيوانية.
إن الواقع الحالي يكشف مدى إستهتار العديد من النواب والمسؤولين بهم المواطن وحجم المسؤولية التي يتقلدونها، هل تناسيت أيها النائب الكريم تلك الشعارات التي صدعت رؤوسنا بها إبان حملتك الإنتخابية؟ أم هل تناسيت واجبك في المجلس بالسعي الى مصلحة المواطن وإلتفت الى مصلحتك الشخصية وصببت جل إهتمامك عليها؟؟؟.
ما ذنب المواطن الذي يكسب في السنة 28 ألف دينار اردني مقابل عمله وعمل زوجته ليدفع الضرائب عليها، وفي المقابل يجني المستثمر في قطاع العقارات مئات الآلاف من الدنانير سنوياً كأرباح من مشاريع العقارات ليتم إعفاءه من دفع الضريبة؟؟؟
إن سياسة الكيل بمكيالين ستقود الشارع الأردني الى أزمة حقيقية، وتفصيل القوانين في مجلس النواب على "قد حال" النواب والوزراء والمسؤولين سيكبد الخزينة المزيد من الخسائر وسيزيد الملايين في جيوب اصحابها ويضعف من قدرة المواطن المسكين المالية، وهو السبب ذاته الذي أدى الى غياب الطبقة المتوسطة وإلحاقها بالطبقة الفقيرة.
إن الأمانة الوظيفية تحتم على النائب المسؤول أن يراعي مخافة الله وأن ينظر الى صالح الشعب والوطن عند إقراره للقوانين وليس الى مصلحته الخاصة.