تم تنفيذ حكم الإعدام في الاردن على أحد عشر قاتلاً، صبيحة يوم أمس الأحد، بعد مرور سنوات طويلة على إصدار الحكم، حيث تم ارجاء التوقيع على الحكم القضائي الصادر عن المحاكم المختصة، بعد استنفاذ كل الإجراءات المطلوبة، في بادرة جديدة تشير إلى البدء بصفحة جديدة على هذا الصعيد.
تنفيذ حكم الإعدام بحق أشخاص أقدموا على اقتراف جريمة قتل مباشر، متعمد مصحوب بسبق الإصرار والترصد، وخالي من شبهة الدفاع عن النفس، يعد حكماً عادلاً وتصرفاً حكيماً لا تشوبه شائبة، ولا مجال البته هنا لإطلاق عبارات الرحمة والرأفة، أو تقليد بعض الجمعيات التي تتبنى مطالبات إلغاء أحكام الإعدام تحت لافتات إنسانية أو مشاعر أخرى.
«القاتل يقتل» شعار إنساني عادل، لأن البادىء باقتراف هذه الجريمة يجب أن لا يكون محلاً للرأفة، لأن هذا الفعل يؤدي إلى تكراره، وتسهيل الجريمة على المجرم، فالقصاص شرع من أجل منع القتل، عبر عقوبة رادعة، ومبدأ الرّدع هو أفضل أساليب الوقاية في المجتمعات الانسانية ، ولذلك يقول رب العزة في هذا السياق : «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» بمعنى أن عقوبة القصاص ما شرعت إلّا من أجل حفظ الحياة، وليس إهدارها، على نقيض ما تحاول بعض الأفهام الناقصة ترويجها بطريقة مجزوءة وعن طريق النظر إلى المشهد القائم بطريقة مزوّرة، حيث يتم بناءً على هذه النظرة إهدار دم البريء «المقتول» ظلماً وزوراً، والدعوة إلى حفظ دم المجرم القاتل.
من حق المطالبين بإلغاء أحكام الإعدام بما يتعلق بالجرائم السياسية، او الجرائم الأخرى التي لا تصل إلى حد قتل نفس بريئة، ولا تصل إلى حد استباحة زهق الأرواح تحت أي مبرر، لكن الدعوة إلى العفو عن القتلة والمجرمين الذين تلوثت ايديهم بدم الأبرياء، ماهي إلّا دعوة إلى تسويغ جريمة القتل، وتسهيل اللجوء إليها لأتفه الأسباب.
يجب أن يجمع المجتمع بكل فئاته وشرائحه ومكوناته على إقرار مبدأ العدالة، وتكافؤ الدم، وإقرار مبدأ المساواة بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن اللون أو الجنس أو المستوى المادي، أو الانتماء الجهوي، ويجب أن نجمع على ضرورة تحرّي الدقة وإرساء معايير العدالة، ونفي الشبهة.
أعتقد جازماً أن تنفيذ الإعدام بحق هؤلاء الأشخاص الذين ثبت تورطهم في جريمة قتل إنسان بريء، بما لا يدع مجالاً للشك، سوف يشكل رادعاً مستقبلياً حازماً بحق كل من تسوّل له نفسه الإقدام على مثل هذه الجريمة التي لا تغتفر ولا يمكن تسويغها أو تبريرها، وليس هناك أفضل وأكثر صدقاً من قول البارىء جل جلاله «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا».
ودعاة حقوق الإنسان يجب أن تتوجه جهودهم نحو حفظ دم الأبرياء، وحفظ أمن المجتمع، وصيانة النفوس الآمنة، وتغليظ العقوبة على كل من يستهين بأرواح البشر،وأن يتم النظر الى المسألة من جميع جوانبها وبمنهجية شاملة، لا تستثني طرفاً على حساب طرف آخر، فهذا مقتضى العدل والنظرة العلمية الصائبة.