ليس مستحبًا، لا نفسانيا ولا سياسيا ولا امنيا، المفاجأة التي وقعت على اسماع الاردنيين فجر امس، عندما تم تسريب خبر تنفيذ حكم الاعدام بـ 11 شخصا محكوما حكما قطعيا وينتظرون التنفيذ المتوقف برغبة رسمية منذ 8 سنوات.
لا خلاف على الجانب القانوني والحقوقي في حكم الاعدام، الخلاف يقع في الباب الانساني، واذا كان صوت المناصرين لوقف عقوبة الاعدام اضعف من صوت المنادين لتنفيذ العقوبة، فإن الامر يبقى في المحصلة بين رأيين، رأي يناصر حق الحياة للانسان مهما كان الفعل الجرمي الذي ارتكبه، والرأي الاخر يرى ان تنفيذ العقوبة جزء من "حق القَصاص" وانها وسيلة رادعة لمنع الجرائم.
لم تثبت اية دراسة علمية اجتماعية ان تنفيذ عقوبة الاعدام قد تردع المجرم وتقلل الجرائم في المجتمعات، ولهذا تتجه معظم دول العالم لإلغاء عقوبة الاعدام بعد قناعات بانها لا تشكل رادعا للحد من الجريمة والخروج على القانون، ولتناقضها مع مبادئ حقوق الانسان، وخاصة حق الانسان في الحياة.
منذ سنوات والمنادون بإلغاء عقوبة الاعدام يطالبون بالتحصين القانوني لقرار التجميد، وتحصين التشريعات، تجاه تقليص العقوبات الرامية إلى الإعدام، حيث لاتزال عقوبة الإعدام منصوصا عليها في خمسة قوانين محلية، لانه ثبت ان قرار التجميد رغبة رسمية فقط، وعندما ارتفع صوت الاحتجاج والقوى الضاغطة لتنفيذ عقوبة الاعدام، تغيرت الرغبة الرسمية، وقررت بشكل مفاجئ وغير معلن اعدام 11 شخصا ينتظرون الاعدام منذ سنوات.
كنا نتمنى ان تعلن الحكومة نتيجة الدراسة التي كشف عنها قبل اكثر من شهر وزير الداخلية حول نية الحكومة تفعيل تنفيذ عقوبة الاعدام، ما هي المستجدات في هذه الدراسة، وما هي الاسباب التي دفعت الى اتخاذ قرار التنفيذ، وما هي الفوائد التي سوف نكسبها من وراء اعدام 11 شخصا دفعة واحدة، وكيف سنرد على المنظمات الحقوقية الدولية واستفساراتها، وهل كنا على خطأ عندما تم تجميد تنفيذ عقوبة الاعدام.
الاشخاص الذين تم اعدامهم امس مجرمون بقضايا حقوقية، قد يكون حجم المتعاطفين معهم ليس كبيرا، لكن يبقى الاعدام قرارا بانهاء حياة انسان، مجرما كان ام سياسيا، ولا اقارن – حاشا لله – اليس معظمنا حتى الآن لا يستطيع مشاهدة لحظة اعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لان فيها قدر من الاجرام لا يمكن وصفه، كما أننا بالحس الإنساني رفضنا إعدام الرئيس الليبي معمر القذافي بالطريقة التي تمت، وفيها مخالفة للشرائع ومواثيق حقوق الإنسان كلها، بعدم قتل الأسير، والحق في محاكمة عادلة، وفي حالة القذافي، كنا سنقبل محاكمة غير عادلة، لكنْ على الأقل بشكل ما من المحاكمات القانونية.
هل تذكرون مشهد الأم الايرانية التي صفحت عن قاتل ابنها وهو معلق في حبل المشنقة، كم كان هذا المشهد مؤثرا في العالم أجمع؟.
باختصار شديد، واكررها للمرة الالف، ان اعدام بريء واحد كاف لإعادة النظر بهذه العقوبة توخيا لتحقيق العدالة، وفي الاردن تم قبل سنوات تنفيذ حكم الاعدام بحق شخص، تبين بعد سنتين من تنفيذ العقوبة انه بريء وليس هو من ارتكب الجريمة.