يعرف قطاع كبير من الأردنيين أن قانون الصوت الواحد (أو ظله الذي يشبهه، أو أي نسخة محسّنة منه) هو شجرة عقيمة لا تثمر .. وإن أثمرت، فثمارها هزيلة ضعيفة، لا طعم أو لون أو رائحة لها .. لكن الناس مساكين .. "يساهمون" بزرع شجرة دفلى وينتظرون ثمر الدراق منها ..! يزرعون الملح وينتظرون براعم السكر ..! أجل، "يساهمون" لأن الزارع ليس هم وحدهم .. فمن يزرع شجر الدفلى هو أحلامهم عند اليقظة، هو جهلهم وانتماؤهم العائلي العشائري الضيق، هو ضعفهم وضيق ذات يدهم وظروف معيشتهم القاسية، و .. معهم يد الحكومة المرتجفة تحمل البذر وتلقيه تحت التراب ..
لكن الناس مساكين .. هم كالغرقى الذي يتشبثون بقشر موز يطفو على سطح بحر متلاطم الموج، ينافسهم عليها قرود تنتظر على الشاطئ! قبلوا برقصة الحكومة على بيدر أمنياتهم العتيقة المتهالكة .. وقبلوا بطبالها البلطجي الأهوج الأعوج الذي لا يدر لمن ولماذا يطبّل .. وقبلوا بمغنيها صاحب "الصوت الواحد" الذي ينوح كما تنوح الغربان .. وأخيرا قبلوا بصوت إضافي "يمسك" عن الغناء إلا لمن يحشو حنجرته بكبسولات "الإسهال" المركبة من فتات السلطة والمال!
هي معادلة صعبة غريبة في بلدنا الحبيب: تأكل الحكومة حد التخمة، يضرس الناس، ينتظر النواب لعق ما يسيل من "أشداق" الحكومة .. وهناك تقف المعارضة بعيدا تأكلها الحسرة والأمنيات أن تتبادل الأدوار مع كل هؤلاء ! ثم على الناس مسح المائدة بعد الوليمة ..
ترى، متى تتغير هذه المعادلة الصعبة الغريبة في بلدنا الحبيب .. متى يأكل الناس حد التخمة، لتضرس الحكومة ويمسح النواب المائدة بعد الوليمة .. عندها، لا بأس أن تبقَ المعارضة تقف بعيدا تأكلها الحسرة والأمنيات أن تتبادل الأدوار مع كل هؤلاء ! ولأن هذه الأمنية بعيدة المنال في الوقت الراهن، فلا حول لنا ولا قوة الا أن ندعو الله أن يأكل الناس حد التخمة وتمسك الحكومة ويسهل النواب .. وذلك أضعف الايمان !
(أكل الناس، إمساك الحكومة واسهال النواب)
أخبار البلد -