ما إن تم الاعلان عن تشكيلة لجنة الحوار الوطني حتى بدأت ردود الفعل تتوالى بين مؤيد وناقد، ضمن محاولات قراءة خلفيات الشخصيات التي ضمتها التشكيلة.
الكشف عن الأسماء جاء مفاجئا حتى للأعضاء، وكأن الإعلان كان بمثابة مذكرة جلب لـ 52 شخصية، ما ضاعف حدة الانتقاد الذي طال الآليات التي اُعتمدت في الاختيار وعدم الحصول على موافقات مسبقة، ما يعد سقطة كبيرة للجنة قبل انطلاق عملها؛ حيث بدأت سلسلة الاعتذارات منذ اليوم الأول، عداك عن وجود بعض الأشخاص غير المؤهلين للقيام بهذه المهمة الكبيرة التي يعول عليها الجميع.
وشكّل غياب أطياف محددة عن التشكيلة ومنها الحرس القديم والليبراليون نقطة ضعف، خصوصا وأن هاتين الشريحتين، سواء اتفقنا أم اختلفنا معهما، طبقتا سياسات على مدى عقود أثرت في الناس.
اعتذار الإخوان المسلمين عن عدم المشاركة في الحوار شكّل ضربة قاسية، كون غياب هذا الطيف تحديدا يفرغها من مكون أساسي لا يستوي الإصلاح من دونه.
ولا أدري هل الأخطاء أثناء وعقب التشكيل مقصودة وتسعى إلى هدف واحد هو إفشال الحوار أم ماذا؟
بيد أن اللحظة الراهنة ودقتها تفرض على الجميع دعم اللجنة، ليس لأشخاصها بل لهدفها الاستراتيجي الذي يهم الجميع، وذلك حتى لا يضيع الهدف الذي جاءت لأجله، ويأخذنا حب التحليل والقراءة بعيداعن الغاية.
وتبدو فكرة التوجه نحو الأهداف المرجوة من اللجنة أكثرا نفعا من انتقاد أو تأييد مكوناتها، وبغض النظر عن قصور بعضهم حيال المهمة، خصوصا أن دوافع إنجاح اللجنة أهم وأكبر بكثير من الأمنيات بإخفاقها.
تتكرس أهمية اللجنة حينما ندرك خطورة الظرف، ونعي أنها الفرصة الأخيرة للخلاص من الوضع القائم، وهي السبيل للانتقال بالأردن إلى مرحلة أكثر ديمقراطية وحرية، وعدالة.
فنجاح مهمة اللجنة يمكن من تحقيق منجز واقعي، فيما فشلها نكسة تعود بنا سنوات إلى الخلف، وتقتل الأمل بالتغيير المنشود الذي يلبي الطموحات الشعبية التي قتلت المرة تلو الأخرى.
نتمنى للجنة النجاح في مهمتها، ونأمل أن تتمكن من إعادتنا إلى ما كنا عليه في العام 1957 حينما انتخب الأردنيون حكومتهم التي رأسها المرحوم سليمان النابلسي آنذاك.
وندعم كل جهودها لنؤكد للجميع أن الأردنيين قادرون على إدارة أمرهم بأنفسهم وأنهم أهل للسلطة، من خلال قانون انتخاب عصري، يمثل جميع الأردنيين، وينتقل بهم إلى مرحلة جديدة من إدارة شؤونهم توصلهم في نهاية الامر الى تشكيل حكومة منتخبة.
وتقع على رئيس لجنة الحوار طاهر المصري، الشخصية التي تلقى قبولا ورضا من مختلف أطياف وشرائح المجتمع، مسؤولية إنجاح الحوار والخروج بنتائج ترضي الشارع ولا تزيده احتقانا.
فاللجنة هي فرصتنا الأخيرة في زمن الخطر، وتجاوز عيوب التشكيل والتمثيل مسألة مرتبطة بالسعي إلى إحداث اختراق ملموس وسط تسويف رسمي ومماطلة لم تفض إلى شيء حتى اللحظة. المستفيدون من الفشل كثر، وعلى رأسهم أعداء الإصلاح الذين يرون في الوضع الراهن فرصة لتحقيق المكتسبات التي سيخسرونها فيما لو انقلبت المعايير المطبقة.
والسيناريوهات في حال فشل اللجنة في مهمتها لا قدر الله سيئة وظلامية، وتقفل أبواب الأمل بالتخلص من قوانين قمع الحريات، وتزيد سطوة الظلم وغياب العدالة ودولة القانون وسيادته. التشكيك بقدرات اللجنة على الإنجاز بدأ منذ أمس، وسط حالة تشاؤم شعبية، حيال قدرتها على الخروج بالحد الأدنى من الطروحات الإصلاحية، فمن سيصدق؛ اللجنة وأعضاؤها أم توقعات الشارع؟. فلننتظر ونر.