أليست هذه الثقافة الذكورية متغلغلة فينا جميعا، محافظين وليبراليين على حد سواء؟ أليست هذه ثقافتنا المجتمعية التي ما تزال تعامل المرأة على أساس أنها أقل من الرجل بالرغم من دستورنا والعديد من المواثيق الدولية التي وقعنا عليها؟ أليست هذه الثقافة نتيجة أنظمتنا التربوية التي أنشأنا فيها أجيالا كاملة تعلمت ان قدرات وحقوق ومكانة المرأة تقل وبكثيرعن مثيلاتها عند الرجال؟ من يحتمي بالدين وراء هذه الثقافة عليه أن يفسر كيف تصبح النساء في مجتمعات اسلامية رئيسات للوزراء في تركيا والباكستان وبنغلادش ورئيسة للدولة في اندونيسيا؟
اثناء مداولات الاجندة الوطنية اتفق كافة اعضاء اللجنة، المحافظون والليبراليون، ان التمييز ضد المرأة تحدٍ قانوني وثقافي. وبما أن التحدي الثقافي بحاجة لعقود لمعالجته ولتغيير جذري في انظمتنا التربوية، وبما ان الاجندة تتحدث عن عشر سنوات فقط، فإن اقل الإيمان معالجة البيئة التشريعية التي تسمح بالتمييز القانوني ضد النساء، فكان أن اتفق اعضاء اللجنة، المحافظون منهم والليبراليون، على "ازالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة في التشريعات الأردنية، وذلك بمراجعة تلك التشريعات وتعديلها بشكل دوري وفقا للتطورات والظروف الاقتصادية والاجتماعية". تم وأد الاجندة لتجرئها على اقتراح كسر الصوت الواحد في القوانين الانتخابية، وها هي الحكومة تعترف اليوم بضرورة كسر هذه القاعدة، فما هي حجة الحكومة لعدم تطبيق توصيات الاجندة الوطنية بما يتعلق بالمرأة بعد تسع سنوات من اقرارها كقوانين الاحوال الشخصية والتقاعد والتأمين الصحي وغيرها؟ أسأل الحكومة اليوم: كم عدد التشريعات التي عدلت بحيث أزيلت أشكال التمييز ضد المرأة؟ واحد؟ جزء من واحد؟ صفر؟
نخطئ إنْ أبقينا احتجاجنا محصورا بمقال نكتبه هنا او تهكم نطلقه هناك. ليست هناك من إرادة حقيقية لتغيير هذا التمييز الصارخ ضد المرأة لا فيما يتعلق بالمناهج او القوانين او حتى اعادة النظر في القرارات الجائرة، و لا حتى بعد أن تحوز التوصيات على توافق وطني. بدون تحرك مجتمعي جماعي وضغط متواصل ودؤوب من مؤسسات المجتمع المدني لتغيير هذه الحالة، سنبقى نتغنى بمكانة المرأة لفظيا بينما نسكت فعليا لدى اي حادثة تمييز تحصل في المجتمع، فنشبع المخطئ ذما ويحيا الخطأ.