كل صباح أشتمّ رائحة «البخّور» في حارتنا. ولا أعرف مصدره. وتارة
«أشكُّ» في حواسي وتحديدا «حاسّة الشمّ». فقد أتخيّل «تلك الرائحة»دون أن أدري.
وبخاصة وان باقي»الحواس «معطّلة، أو «شبه معطلة».
المهم،أن»الفار» لعب بعبّي. وسألت الناس من حولي، إن كانوا يشمّون نفس
الرائحة أم أنني فقط «أتخيّل»؟
وبعد أيام، جاءني الخبر اليقين.:»جارتنا ام فلان» تقوم كل يوم الصبح
بإيقاد البخور.
ولم يُكمل «حارس العمارة»، وتركني «أتخيّل» الأهداف التي ترمي
اليها»جارتنا» من وراء عادة «إيقاد البخور» كل صباح في حارتنا وترك»الموقد»ينثر
تلك الرائحة الجميلة.
صرتُ أقتفي أثر البخّور، حتى رأيتُ النافذة التي تتوسط العمارة، ورأيت
الدخان يتصاعد مثل دعاء ويتوزع في الارجاء، وكأن «السيدة» ارادت ان «تطرد الشياطين
والارواح الشريرة» من الحارة.
هي إذاً فكرة جيدة من جارة محترمة تفكّر بطريقة مختلفة عن باقي
الجيران الذين يكتفون بالنزاع حول»موقف السيّارة»:إنت صفّيت محلّي، ليش بتجحر فيّ،
الى آخر الاسطوانة.
وبحكم الفضول الذي يشكّل نصف وزني، صرتُ اصحو مبكرا واقترب من رائحة
البخور واستنشق ما شاءت «خياشيمي»، فلربما استطعتُ «طرد الارواح الشريرة»
و»إبعاد الشياطين» من حولي، طوال النهار.
يقولون، ان «البخور عبق الليالي المثيرة مثلما كان في ليالي ألف ليلة
وليلة، ويعد أحد الطقوس الأساسية عند الشرقيين، عرفه الفراعنة، وحفلت به المعابد،
وارتبط بالطقوس الدينية منذ قديم الزمان، كما يعتبره معظم المسلمين جالبًا للبركة،
وواقيا من الحسد..(فعلا أنا محتاج لرد الحسد والحاسدين، عليهم اللعنة).
وفي العالم العربي تلتصق رائحة البخور بالعديد من البيوت، وهناك من
يستخدمه كعلاج أو لتعطير منازلهم برائحته الزكية.
وفي عصر الدولة المملوكية ارتفعت مكانة البخور، وكذلك المُبخر وهو
الشخص الذي يقوم بمهمة التبخير، واستمرت هذه المكانة حتى العهد العثماني، واستخدمت
المبخرة في مناسبات كثيرة مثل: مواكب الزواج، وتبخير الموتى، وتهيئة البيوت
لاستقبال الضيوف، والاحتفالات العائلية وخلال ليالي رمضان وأيام الأعياد.
وللمسيحيين أيضاً علاقة قوية بالبخور، وهو مستخدم في الكنائس منذ
العهد القديم كطقس من طقوس الصلاة ورمز لصلوات القديسين المرفوعة أمام الله،
باعتبار أن الإنسان لا بد من أن يكون ذا رائحة زكية عندما يقف أمام الله.
عليكم بالبخّور..!
سيّدة البخّور
أخبار البلد -