استجابت الحركة الإسلامية بسرعة ذكية للمطالب الكثيرة بفتح حوار مع الحكومة , فلم تمض ساعات على المؤتمر الصحفي لحزب جبهة العمل الإسلامي الذي عبّرت فيه الحركة عن رغبتها بفتح قنوات الحوار والخروج من حالة الانسداد , حتى كان وفد الحزب يجلس مع رئيس الحكومة والوزراء المعنيين بالملفات العالقة بين الحكومة والجماعة واستجابت الحكومة بذكاء بسرعة موعد اللقاء ما يكشف حُسن النوايا من طرفي المعادلة السياسية للخروج من الانسداد .
حوار الحركة الإسلامية مع الحكومة وكما وصفه المهندس علي أبو السكر لكاتب المقال كان إيجابيا وتطرق الى ملفات متعددة من ملف الاعتقالات والتوقيفات الى ملف الاقتصاد والطاقة والحالة السياسية السائدة وتحدث الرجل عن إيجابية اللقاء ومساحة التفاهمات المشتركة والأهم وضع الهواجس على الطاولة وفي الفضاء المعلن .
الحركة الإسلامية تشعر بأن الحكومة لا تتجه الى التصعيد والحركة لا ترغب بالصدام ايضا وثمة قراءات تقول إن الحوار لن ينقطع فالحركة تحدثت عن هواجسها من التوقيف والاعتقال ورأت أن الحلَّ يكمن بتكفيل الموقفوين على الأقل رغم إدانتها للتوقيف وشكله فيما يخص نائب مراقب الجماعة وأعلنت أنها تحترم القضاء وأحكامه لكنها ترى أن موجبات التوقيف القانونية ليست متوافرة في قضية نائب المراقب العام للجماعة على الأقل , كما أن التهم الموجهة الى باقي أعضائها بخصوص ملفات خارج الجغرافيا الأردنية بمعظمها منصبة على تحويلات مالية كان يمكن حلها بحوار أو بطلب أخوي .
المشهد العام يتجه الى إزالة حالة التشنج في العلاقة بين الحكومة والحركة الإسلامية وهذا ما يطلبه جميع الراغبين بحياة سياسية إصلاحية قابلة للاستدامة , فالحركة الإسلامية -كما قلنا مرارا وتكرارا- ليست طارئة ولا مستوردة ولديها رصيد كبير من المواقف الإيجابية التي حمت الدولة وحمت العلاقة الراشدة بين أطراف المعادلة السياسية وفيها أيضا راغبون بالتوتير وتعميق الاحتقان ولكنهم اقلية حد اللحظة وفيهم من الشباب الفائر الذي أغوته شعارات ميادين الربيع العربي , لكن عقل الحركة المركزي ما زال على ثوابته الراشدة رغم بعض الملاحظات جرّاء دخول عقول متشنجة الى مطبخ قرار الإخوان .
والأمر ليس خاليا من المحتقنين داخل عقل الدولة ومن أصحاب المصالح بإقصاء الحركة الإسلامية وطرحها كنقيض للدولة وليست حركة معارضة داخل رحم الدولة تختلف مع الحكومات وبرامجها ولعل رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور من أبرز السياسيين الذين يقاومون نهج الاقصاء والاجتثاث السياسي وسبق له الدفاع عن الحركة الإسلامية تحت القبة وخارجها وقدم لها النصيحة بالحوار والمشاركة وهو الآن على رأس السلطة التنفيذية ولا يعوزه الفطنة والذكاء لالتقاط الرسالة وإزالة الاحتقان والدخول في حوار منتج مع الحركة في وجود وزير تنمية سياسية عانى الكثير من الإقصاء و وزير داخلية وازن قاد ظرف الربيع العربي بمهارة ووزير إعلام دمث لا يبحث عن التصعيد والتأجيج .
كل أطياف المعادلة السياسية ينظرون الى نافذة الحوار المفتوحة بتفاؤل ويطالبون بخطوات إيجابية من الحركة واستجابة سريعة من الحكومة لاقفال ملفات الاحتقان وعلى رأسها الاعتقالات والتوقيفات فالدولة الأردنية نموذج كوني لحالة التسامح مع المعارضين ولعلها متفردة في الإقليم كله بهذه السماحة والتسامح , والمشهد الإقليمي يطالب الجميع بتوحيد الداخل والشروع في عمليات جراحية حقيقية لاجتزاء الفساد والافساد على كل المستويات السياسية والاقتصادية والتشريعية وفتح الآفاق لمشاركة الجميع في الحلول وتحمل كل أطراف العملية السياسية أعباء الظرف القاسي الذي نعيشه .
استكمال الحوار والرجوع الى ذاكرة العلاقة الإيجابية بين المكونات السياسية والحكومة كمعبّر عن الدولة واجب الجميع والأحزاب الأردنية بكل تكويناتها السياسية والفكرية مارست افعالا اثبتت فيها حرصها على الدولة والنظام وارتكبت أخطاء كما ارتكبته أوساط رسمية لكن السائد في الأردن هو الرشاد والتوافق وهذا المطلوب تعزيزه .