يناقش مجلس النواب خلال الأيام القادمة مشروع الموازنة لعام 2015، الذي يعكس السياسة المالية والاقتصادية للعام القادم، والتي ينعكس على حياته وشؤونه سلباً أو إيجاباً.
ولكن الشعب يتوقع ويتمنى أن تأخذ مناقشة الموازنة منحى غير تقليدي كما جرت عليه العادة في الأعوام السابقة، أي إلقاء الخطب والكلمات والنقد اللاذع للموازنة ككل أو لبعض فصولها، لينتهي التصويت بالموافقة عليها.
فالمطلوب أولاً وقبل البدء بمناقشتها أمام كامل أعضاء مجلس النواب أن يتم مناقشة الحكومة بطلبات المحافظات التي يمثلونها، حتى يتم إدراجها في الموازنة، وما يتطلبه من إدخال تعديلات على بعض أبوابها، ودون ذلك فلا فائدة من سرد طلبات حاجات المناطق بعد إقرارها من اللجنة المالية تمهيداً لإقرارها.
ويتطلب ذلك من اللجنة المالية أن تخاطب النواب وتطلب منهم تزويدها بمقترحات لمشاريع ضرورية تسهم في تحسين محافظاتهم ومناطقهم، وتلك التي من شأنها تنمية المحافظات عبر اقتراح البدء بمشاريع انتاجية بكل ما تحمله من معان، فالمشاريع الانتاجية هي الكفيلة بإحداث تنمية والعمل على إيجاد وظائف وبالتالي تخفيض عدد العاطلين عن العمل.
ومناقشة الموازنة لا تعني فقط مناقشة أرقام، لأن هذه الأرقام انعكاس لسياسة الحكومة للعام القادم، والتي توجب التزام أي حكومة قادمة في حال تغيير وزاري، حيث إن جميع المراقبين والمحللين تقريباً يشيرون إلى انتهاء العمر الافتراضي للحكومة إضافة الى محاولة تنفيس الاحتقان الشعبي تجاه الحكومة الحالية، على فرض أنها هي صاحب الولاية الحقيقية والكاملة لإدارة شؤون الدولة حسب الدستور الأردني.
وعلى النواب ألا يمرروا مصطلحات فضفاضة، تفسح المجال للحكومة لتفسيرها حسب أهوائها، وخاصة الكلمات التي قد تعني منحها -أي للحكومة- الصلاحية الكاملة لفرض أو زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة؛ لأنه في حال تمرير تلك المصطلحات سيجد بعض النواب أنفسهم يهاجمون أو ينتقلون تلك القرارات وفي ذلك تناقض بين الموقفين.
والمطلوب أيضاً من مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، أن يرفضوا مناقشة موازنة عام 2015، قبل أن تتقدم الحكومة بميزانية عام 2014، مبينة أوجه صرفها وانفاقها، فلماذا يقبل المجلس على نفسه أن يتنازل عن حقه له، وصلاحية مناطة به لصالح السلطة التنفيذية؟
وعلى مجلس النواب أن يلزم الحكومة بتقديم الحساب الختامي لميزانية عام 2014، خاصة مع انخفاض العجز المالي نتيجة لانخفاض أسعار النفط عالمياً خلال الخمس شهور الأخيرة، أي منذ حزيران وحتى الآن، حيث بلغت قيمة الانخفاض حوالي 40٪.
وهذا الانخفاض يوجب على الحكومة وعند وصول أسعار النفط الى أسعار مقبولة أن تلجأ إلى توقيع عقود آجلة، وهذا أيضاً من صلاحية مجلس النواب عند مناقشة الموازنة، فرض ذلك على الحكومة، ومن شأن ذلك أن يخفف العجز المالي في حال عاود النفط ارتفاعه سواء لأسباب اقتصادية أو سياسية.
وعيون المواطنين شاخصة لمراقبة أداء مجلس النواب، الذي توجب عليه مناقشة وإقرار الموازنة، وفقاً لمصلحة الغالبية العظمى من الشعب، وليس إرضاء لذوي النفوذ السياسي أو الاقتصادي.
فالموافقة على الموازنة تعني الثقة وتجديدها للحكومة الحالية التي طالها النقد من عدد كبير من السادة النواب.
فهل هذا هو المطلوب؟!.