يتفاخر سياسيون من أوزان ثقيلة، واعلاميون وصحافيون يحتلون مواقع متقدمة، وفنانون من اصحاب الشهرة الكاسحة، انهم لا يتعاملون مع وسائل الاعلام الحديثة، ولا يعرفون ما هي قصة الفيس بوك وتويتر، وليس لهم صفحات خاصة على هذه المواقع، وكل ما ينشر عنهم فيها انما هو اختراعات من قبل مغرضين يحاولون النيل منهم ومن انجازاتهم.
هؤلاء ذاتهم يتصدرون الندوات والمؤتمرات واللقاءات المتلفزة والحوارات الساخنة ويتحدثون عن دور الشباب، واهمية بناء استراتيجيات لهم، يخاطبون الشباب بلغة خشبية لا يفهمونها، ويصيغون خطابات شبابية ترتكز على ما تعلموه قبل خمسين او ستين سنة، لكن عندما يأتي الامر على ذكر الوسائل التي يتقنها الشباب، ويبدعون فيها، ولا يتعاملون الا معها، لحظتها ينكر السياسيون والاعلاميون الاميون في التكنولوجيا اية علاقة لهم من قريب او بعيد بهذا الامر.
السياسي الذكي، والاعلامي العبقري، اذا لم يستطع التخلص من أمية التكنولوجيا فبامكانه الاستعانة بشاب عبقري يدير له اعماله التكنولوجية، تحت نظره، ويتحمل مسؤولية كل ما ينشر على لسانه من مواقف، وفي هذه الحالة يقترب اكثر من لغة العصر، ومن وسائل التواصل، ويعرف ماذا يريد الشباب تحديدا.
الممحي وما بين السطور في هذا المقال، حتى لا يبقى تنظيرا، يستفز بعض اللقطات في المشهد السياسي الاردني، عندما ترى رجالات الحقبة العرفية يتصدرون مناسبات الحديث عن الاصلاح السياسي، ويبدأون سيل الكلام والعبارات التي تمجد الاصلاح السياسي، وان لا تطور للبلاد اذا لم يتم الشروع في الاصلاح السياسي الحقيقي، ويدافعون عن الحريات، وعن التعددية وضرورة احترام الرأي الآخر.
هذا التناقض العجيب في عقلية رجالات المرحلة التي لا احد يتمنى ان تعود إلّا هم، يصيب المرء بالانفصام، عندما يستمع الى عقلية عرفية تنظّر بالديمقراطية، والى خطيب يعتلي منبر مهرجان او مؤتمر، فتستمع الى خطاب مختلف ومتناقض مع شخص المتحدث.
وسائل الاعلام الحديث كشفت عن الكثير من عيوب المثقفين المزعومين، ومن تكلس عقلية السياسيين الذين لا يؤمنون بنظرية التطور والتغيير، وانما بنظرية "خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام".