يمكننا القول ان العلاقة بين حركة الاخوان المسلمين والدولة تمر باكثر الاوقات توترا وسخونة، رغم ان مؤشر التدهور في العلاقة بين الطرفين بدا في عام 2008 مع بدء ما اطلق عليه «الحراك» الشعبي، حيث اختار الاخوان المسلمون الاستقواء بالشارع علي الدولة بدلا من الحوار والوصول الي تفاهمات وسطية، وازداد الامر تعقيدا بعد ان «انتشت» الحركة بما سمي بالربيع العربي وأدارت ظهرها لكل التوجهات الاصلاحية التي اطلقها جلالة الملك من لجنة الحوار الوطني ولجنة التعديلات الدستورية والاستنكاف عن خوض الانتخابات النيابية عامي 2010، و2013 وتبني الحركة لمواقف سياسية متناقضة مع السياسية العامة للدولة وتحديدا في «الشأن المصري» وتفاعلات الاطاحة بحكم الاخوان.
من مظاهر هذا التدهور هو توقيف نائب المراقب العام زكي بن ارشيد بسبب تطاوله على دولة الامارات التي تربطها علاقة استراتيجية مهمة مع الدولة الاردنية، والتطاول الذي تجاوز «النقد المباح» جاء على خلفية مواقف دولة الامارات من حركة الاخوان المسلمين بصورة عامة، وهي حادثة تعكس حالة الارتباط الايدولوجي المباشر بين الحركة في الاردن والتنظيم العالمي للاخوان ورؤيته السياسية العامة، واعتقد ان العلاقة على هذه الخلفية من التوتر ستبقى مرشحة لمزيد من التدهور طالما ابقى التنظيم ارتباطه بالخارج وبالسياسات التي يقرها التنظيم العالمي للاخوان والذي يهيمن عليه «اخوان مصر» الذين اصبحوا في نظر معظم دول الاقليم «تنظيما ارهابيا».
ان الاردن الرسمي مازال يترك مساحة للتفاهم والابتعاد عن الصدام مع التنظيم، فهو مازال يرفض تسمية «الاخوان المسلمين الأردنيين» بهذه التسمية رغم تحالفاته القوية مع دول مثل مصر والامارات والسعودية التي تصنف الاخوان كتنظيم ارهابي، ومازال يرفض ويتحاشى محاسبة الحركة قانونيا باعتبارها جمعية خيرية وانحرفت بمجمل عملها عن هذا العمل الخيري الى العمل السياسي باوسع ابوابه، ومع كل ذلك مازال صقور التنظيم ينظرون لكل ما سبق نظرة «استعلائية ومغرورة» لا يفسر سلوك الدولة بانه «تصالحي» بل تذهب تفسيراتهم الى مواقع غير صحيحة، حيث ترى الصبر «ضعفا» وترى الحكمة «عدم القدرة على اتخاذ القرار» وهو امر يزيد من تعقيدات العلاقة ويدفعها نحو نقطة اللاعودة.
قبل اسبوع صرح القيادي في الجماعة مراد العضايلة من ان الحركة ليس لها ارتباطات خارجية، وبغض النظر عن مدى صحة تلك التصريحات فاعتقد ان الحل هو في الاجتهاد في ايجاد علاقة تستطيع من خلالها الحركة ان تكون «اردنية» قدر ما تحتاج لذلك وان تكون جزءا من التنظيم العالمي للحركة بما لا يعرضها للتناقض مع اردنيتها، وهي في الحقيقة معادلة ليست سهلة.
هذه المعادلة تشكل تحديا كبيرا للحركة في هويتها الاردنية ومستقبلها، ومحاولة بعض قيادات الحركة تجاهل هذه الحقيقة يعمل على تأجيل المواجهة وليس حلا لها!