قبل فترة، طالبت إحـدى الكتل النيابية بزيادة الرواتب عن طريق تمويل الزيادة من مساهمات القطاع الخاص. وطالب عديدون بأن يتحمل القطاع الخاص مسؤولية تجاه المجتمع. وفي كلمة رئيس الوزراء السابق أمام المجلس النيابي أن الحكومة ستجري حـواراً جاداً مع القطاع الخاص لمسـاعدة محدودي الدخل.
الشركات في القطاع الخاص ليسـت جمعيات خيرية بل مؤسسات ربحية، وهي تقدم الخدمة إلى المجتمع عن طريق دفع ضرائب عالية، وتوفير فرص عمل مجزية، وإنتاج سلع وخدمات للاستهلاك المحلي والتصدير. وهي تفعل ذلك ليس حرصاً على مصلحة المجتمع، بل لإنتاج الربح.
البنوك والشركات الكبرى تتحمل مسؤوليات كبيرة تجاه المجتمع، ولكنها تفعل ذلك ليس حباً في المجتمع أو عطفاً على المحتاجين، بل لخدمة أهدافها وتحسين صورتها بشكل ينعكس على أرباحها.
توظيف العمال لا يهـدف لتخفيض البطالـة بل لزيادة الإنتاج والأرباح، وتصدير البضاعة لا يهدف لدعم ميزان المدفوعات بل لزيادة الأرباح، والتبرع للنوادي والجمعيات ليس حباً في الخير بل نوع من الإعلان.
أحد البنوك خصص قاعات لعرض اللوحات الفنية تشـجيعأً للفنانين، مع أن خدمة الفن والفنانين آخر ما يشغل بال إدارة البنك، فالهدف إظهار البنك بصورة حضارية، وتحسين سمعته، لأن ذلك يجلب له العملاء.
وبنك آخر وضع نصباً جميلاً في أحد الميادين، ليس لأنه غيور على جمال المدينة وإمتاع المواطنين والسياح، بل كدعاية للبنك، تؤكد صورته الحضارية وتحسن سمعته وتنعكس على حساب الأرباح.
وشركة اتصالات تبنت فريقاً لكرة السلة ليس حباً في الرياضة بل خدمة لمكانة الشركة وجزء من برنامج العلاقات العامة.
بنوك وشـركات تتبرع للجامعات والمستشفيات وربما للمنتخـب الوطني، ليس شـغفاً بالعلم أو الصحة العامة أو الرياضية، بل خدمـة لمصالح تلك البنوك والشركات وجـزء من موازنة الإعلان.
هـذه المساهمات في خدمة المجتمع يجب أن تستمر وتظل اختيارية، أما إذا أرادت الحكومة أن تفرض التزاماً على الشركات فالأسلوب الصحيح هو الضريبة وليس ماراثون الإحراج. حصيلة الضرائب يمكن استخدامها لتمويل النشاطات المطلوبة اجتماعياً التي تستحق الدعم.
دعونا لا نحول القطاع الخاص إلى جمعيات خيرية ونحول بعض الجمعيات الخيرية إلى دكاكين لا تمارس نشاطاتها إلا أمام وسائل الإعلام.