نريد بيتاً من زجاج يا دولة الرئيس، ولن يتهددَنا التاريخُ بطوبه ولا بحجارته. بيتاً شفافاً لا يختبئ في دهاليزه الأرضيَّةِ مرتشٍ ولا فاسدٌ. بيتاً واضحاً للعيان ظَهراً وبطناً وأحشاء، ليس فيه ما نخشى على أنفسنا وشايةً من حقوق إنسان، أو تهمةً من أمنستي، أو ضغطاً من بنك دولي. بيتاً متواضعَ الأثاث، ولكن هو الذي نحتاج إليه، فلا ترفَ ولا فُحشَ في الإنفاق. بيتاً سليمَ الأساسِ، مِلاطُهُ من قواعد الحرية والديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص والمساءلة. نريد بيتاً يستطيع جميعُ الشَّعب استخدامَه سواسيةً ومن دون تمييز، وطرقُه مشرعةٌ على العدالة والكرامة الإنسانية. بيتاً لا يشكو فيه أردنيٌّ ولا أردنيّةٌ من فاقةٍ مُذلَّةٍ أو جوعٍ لئيم. بيتاً للشهامة والأمانة، لا وكراً للنَّهاشينَ قُطَّاعِ طرقِ المناسبات، والمغالين في خديعة الانتماء والولاء، والمستفيدين المتسيِّدين فوق رؤوسنا ومصائرنا كأقدارٍ ملتاثة!
نريد بيتَنا الأردنَّ من زجاج، لا نخفي فيه فساداً في إدارة، ولا في مال. نتكاتف جميعاً؛ نساءً ورجالاً، شيوخاً وأطفالاً وشباباً على العناية به، وصونِ معانيه، والتحقُّقِ من متانته بين أوطان الحرية وأوطان الكرامة والحضارة والإنسانية والفكرة العربية.
نريد بيتاً ننامُ فيه على طمأنينةٍ، ونستيقظُ على عملٍ وشرفٍ، ولا نموت فيه من برد أو من ظلمات أو من خديعة أواستسهال. بيتاً يُضاءُ بأنوارِ العدلِ الفاقع، ويستحمُّ بشموسِ الوعي والعلم، ويُزيَّن بالإتقانِ والإحسان.
بيتاً لا يتسلط فيه متنفِّذٌ على ثروةٍ. بيتاً مصيرياً لا يحتاجُ إلى ثورٍةٍ عاتيةٍ تقتلعُ، لأنه أسبقُ في النقد الذاتي، وأسرعُ إلى الإصلاح.
نريدُ لبيتنا أن يسوِّرهُ الإخلاصُ الحقيقي لا ذاك الذي هو حِكرُ شريحةٍ أو فئةٍ لها في الادعاء صولات وجولات، وحصادُها في النهاية شوكٌ وحجارةٌ وزجاجٌ مُكسَّرٌ وأشلاء وطن. نريد يا دولة الرئيس وطننا بلا شائبةٍ، وكما ينبغي للأوطان المحترمة.
وعلى ذلك أرنا، دولتك، كيف يكون الإصلاحُ ممراً إلى راحة البال، وكيفَ تكونُ الحرياتُ طريقاً إلى دولة آمنة، وكيف تكون المحاسبة الفورية دربنا المشروعة إلى العدل.
نحنُ لا نريدُ في بلدنا ثوراتٍ، ونحن مثلك، ولربما أكثر، نحتاجُ إلى وطن متماسك غيرِ آيلٍ إلى السقوط عند أول نفخة ريح. ولذا يا دولة الرئيس دعنا نعمل معاً، من دون احتكار سلطة أو قرار، لنعيد تأهيلَ هذا الوطن ليتَّسعَ لأحلامِنا وأمانينا الكبار.
دعونا لا نفقد الأمل......