المتعارف عليه شعبيا ان الخيانة العظمى تعني التآمر مع دولة عدو للنيل من تراب الوطن من خلال تزويدها باسرار ومعلومات خطيرة جدا قد تؤثر على مجريات الأمور في الحرب والسلم ...
الا ان اصطلاح الخيانة العظمى قانونا اوسع من المعنى الشعبي بكثير اذ يتضمن التخابر مع العدو او تزويده بأي معلومات عسكرية كانت أم اقتصادية أم سياسية او نشر او تسريب وثائق سرية لا يجوز الاطلاع عليها الا للمعنيين وفي اضيق نطاق ... وبهذا المعنى فان تسريب اسئلة امتحان الثانوية العامة يندرج في باب الخيانة العظمى باعتباره تسريبا لوثائق سرية لا يجوز الاطلاع عليها الا من قبل المعنيين مثله في ذلك مثل نقل وافشاء اسرار عسكرية او سياسية بالغة الأهمية.
ولعل ابرز مثال على الأسرار العسكرية والسياسية التي تم افشاؤها بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا عام ١٩١٨ اتفاقية سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا التي ابرمت عام ١٩١٦ لاقتسام الولايات العربية التي كانت تابعة للدولة العثمانية وهي بلاد الشام والعراق!!!
نتحدث عن الخيانة العظمى بعد ان احرق الأمن المصري العديد من الوثائق والمستندات التي تدين كبار الضباط الذين كانوا يتجسسون على قادة المعارضة وزعمائها في مصر والتي تضمنت اشرطة فيديو وتسجيلات صوتية وصورا فوتوغرافية تتعلق بفضائح جنسية او خروقات للقانون علاوة على مخالفات مالية وادارية تدمغ العهد البائد والتي كان جهاز أمن الدولة مسؤولا عنها مسؤولية مباشرة ..
هذه الوثائق والمستندات يضاف اليها اعترافات قادة المعارضة التي اخذت منهم تحت التهديد سواء بالتنكيل بهم وتعذيبهم وهو اسلوب اجاد جهاز أمن الدولة المصري استخدامه منذ انقلاب الجيش في الثالث والعشرين من يوليو «تموز» عام ١٩٥٢ على الملكية او بفضحهم من خلال نشر وتوزيع اشرطة فيديو وتسجيلات وصور سواء اكانت حقيقية او مفبركة لهم ...
«جرائم أمن الدولة» التي تفوق «الخيانة العظمى» مرتبة ودرجة عمل كبار الضباط على اتلافها او سرقتها او نهبها بعد ان اقتحم متظاهرو ثورة ٢٥ يناير «كانون الثاني» مقرات أمن الدولة في عدة مدن وذلك لاخفاء جرائمهم وطمسها حتى لا يحاسبوا عليها ... ما حدا بالمتظاهرين الى حراسة المقار او الاحتفاظ بهذه الوثائق والمستندات والصور والاشرطة !!!
المجلس العسكري الاعلى في مصر وكذلك رئيس الحكومة المكلف الدكتور عصام شرف ناشد المتظاهرين اعادة الوثائق والمستندات التي حصلوا عليها باعتبارها من اسرار الدولة التي لا يجوز الاطلاع عليها الا من قبل المعنيين من جهة وبسبب خطورة المعلومات الواردة فيها من جهة اخرى على صعيد الوطن والافراد وخاصة زعماء المعارضة !!!
في هذه الحالة فان الذي ينبغي ان يحاكم على افشاء هذه الأسرار هم كبار ومتنفذو جهاز أمن الدولة الذين حاولوا اخفاء جرائمهم بتسهيل حرق واتلاف هذه الوثائق بل ان البعض منهم ارتكب جريمة مضافة هي منع سيارات الدفاع المدني من الوصول لاطفاء الحرائق التي اندلعت في مقار «أمن الدولة» ...
في تونس تبدو هذه الحالة اكثر وضوحا حيث اتهم رئيس الوزراء المكلف الباجي قائد السبسي الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالخيانة العظمى نظرا للعديد من الجرائم التي اقترفها بحق تونس دولة وارضا وشعبا ومؤسسات !!!