مُطلع ومتابع لقصة اختيار نقيب المعلمين، قال بحضور جمع من الناس، إن جماعة الإخوان حين ارادت اختيار مرشح للنقابة، طلبت السير الذاتية لثلاثة مرشحين، وقابلتهم، وإحدى المرشحين كان نقيب المعلمين الحالي، وبعد المقابلات داخل الحزب، اتضح أن ثمة خشية من المرشحين الآخرين، وأن القبول بالنقيب الحالي هو أهون، لأسباب تتعلق بقدراته وامكانياته، ويمكن السيطرة عليه وتوجيهه، بينما الآخرون الذين ذكر المتحدث لنا اسماءهم ظهرت حينها ثمة خشية منهم من الانقلاب على الحزب.
هذا الحديث يستحضر في ظل إصرار النقابة على أن أحد لا يوجههم سياسياً، وهم مصرون على أن إضرابهم ليس إضرابا يمثل الحركة الإسلامية، ومع أن مجلس الوزارء ناقش في إحدى جلساته، مع وزير التربية مدى ارتباط الحركة الإسلامية بالإضراب، إلا أن الدولة لم تختار مواجهة الحركة بهذا الأمر. ولربما يكون للمواجهة خيارات أخرى.
المعلمون المضربون اليوم، خارج السرب، خسروا التعاطف الشعبي، مع أن لا احد يريد أن يكون المعلم مهاناً، أو خاضعاً لسلطة تهضهم حقوقه، لكن بعض المعلمين إذا رأوا أن نجاح الإضراب هو في التوقف عن العمل فهذا خطأ، وهو مخالف لكل الإضرابات العالمية التي يتمسك المعملون بأنهم يقلدونها باعتبارها سلوكاً ديمقراطياً.
فإضرابات العالم المتحضر، لا تكون شاملة بل تبدأ جزئية وتنتهي كلية، ولا تعطل مصالح الدولة، وتحتفظ الجهات العمالية بحقوقها في تمثيل مطالب أفرادها حتى في أيام العطل، لكن نقابة المعلمين برغم كل حشدها وتصريحات أعضاء مجلسها ونقيبها، الذي بدا مرتبكا حتى في رده على فتوى تحريم أخذ أجر العمل عن بدل الإضراب، بالقوى إنها «فتوى معيبة» فهذا يكشف فقرا معرفيا فلا يوجد بالفقه فتوى معيبة أو معابة، أو سائلة أو جامدة.
نعم خسر المعلمون، وربح الحزب، الذي يناكف عن بعد، ولا حل إلا بانضاج موقف عام من الحركة الإسلامية وحلها، كي تعي خطورة ما ذهبت إليه في إضراب المعلمين، ولا نقول حل النقابة، فهي منجز وطني، لكنه للأسف اختطف من قبل جماعة الإخوان المسملين، وضاعت الصورة المشرقة لحراك المعلمين.
نعم لتحسين حياة المعلم، لكن لا لمحاولة الاستقواء والتستر بالحق الدستوري في الإضراب، ولا لثلة غالبة على مصير النقابة، لا تعرف معاني الديمقراطية إلا من باب التمسك بأطراف النصوص، فقد شاهدت احدى اعضاء النقابة وهو يتحدث، مشددا عل حقهم الدستوري، وحين قيل له إن الدستور ربط ذلك الحق بما لا يعارض قانون الخدمة المدنية وقانون التربية، ذهب أكثر تطرفاً بالقول: إنه مستقل عن وزارة التربية وأن النقابة لا علاقة لها بوزارة التربية.
للأسف اطفأت الحركة الإسلامية كل جميل في النقابة، وحصدت ثمار جهود حراك المعملين، لكن على الدولة أن تدرك بأنها لا تواجه في هذا الإضراب نقابة المعملين، بل حركة الإخوان.