أخبار البلد - أ.د. امين المشاقبة
إن الخلافات السياسية والتنظيمية داخل حركة الاخوان المسلمين في الأردن ليست بجديدة وانها متكررة خصوصا بين تياري الحمائم والصقور او المتشددين والمعتدلين، وكان رأي التشدد من قبل الصقور هو دوما يفوز في المواقف المفصلية، ان كان مقاطعة الانتخابات او المشاركة الى غيرها من قضايا حساسة واساسية وتشهد الحركة الاسلامية في الاردن وبالذات جماعة الاخوان المسلمين تجاذبا بين نفس الطرفين وتحركا بين القواعد الاخوانية في اكثر من منطقة، ففي عام 2009 تم تسريب التقرير السياسي المقدم لشورى الاخوان وهذه الوثيقة دائما يتم تلاوتها على القيادات في الجماعة ولا يتم توزيعها، وعلى اثر ما تسرب منها وما فيها من معلومات دقيقة وخطوات عملية أثارت الرأي العام الأردني وعلى اثر ذلك نشرت العديد من المقالات والتحليلات الصحفية والسياسية تم انتقاد الحركة على توجهات وخططها الثورية ومنها ابراز وجود فصائل شبابية استعرضت في بعض المظاهرات امام الجامع الحسيني وفي ساحة النخيل بعض الاستعراضات ذات المظهر العسكري بدون سلاح كقوة او ابراز واستعراض هذه القوة كما هو الحاصل لدى قوى حركة حماس في قطاع غزة او جامعة الازهر في مصر، ونتيجة لنشر هذه الوثيقة وعلى اثرها تم حل اللجنة السياسية برئاسة د. ارحيل الغرايبة، وتراجعت قيادات الاخوان المتشددة عن ما ورد بها علنا لرأب الصدع الذي حصل، لكن ذلك لم يؤدِ لرأب الصدع بين القيادات من التيارين، هذا جزء من الخلاف وسيطرة قوى الصقور المتشددين على القرار في الجماعة.
هذا الأمر ادى الى ظهور مبادرة زمزم كمبادرة معتدلة من رحم الجماعة وليس الانشقاق عنها انما اصلاح ما يمكن اصلاحه وتعديل مسار الجماعة من حالة التشدد والتقوقع الى حالة جديدة من الاعتدال وابراز قيادات معتدلة جديدة تأخذ على عاتقها زمام المبادرة في التجديد والاعتدال، وارتكبت قيادات الجماعة خطأً فادحاً بفصلها بعض قيادات زمزم مثل: د. الغرايبة والمهندس نبيل الكوفحي وجميل الدهيسات ولم يتم فصل القيادات الاخرى في المبادرة والمشاركين بقوة وفعالية بها.
بالأمس عقد اجتماع للشعب في محافظة اربد حضره ما يقارب من 250 من اعضاء الجماعة من قيادات وقواعد وقد نشر هذا بالصحف اليومية وعلى المواقع الالكترونية وهناك استعدادات خلال هذا الاسبوع والاسبوع القادم لعقد اجتماعات موسعة تضم القيادات والقواعد في اربد، وفي نفس الوقت هناك دعوة لاكثر من 500 شخص من قيادات وقواعد الاخوان في العاصمة عمان هدفه مناقشة آليات اصلاح وتعديل مسار جماعة الاخوان واعادة النظر في النظام الاساسي، وامام هذا الحراك الاخواني فشلت محاولات القيادي حمزة منصور وآخرين معه لرأب الصدع داخله ومحاولة احتواء ما يجري الا ان الامور يبدو انها تسير باتجاه معاكس للقيادات المسيطرة وقوى التشدد حيث يمضي من ينادي بالاصلاح قدما في مسعاه.
ان السياسة الاخوانية المستخدمة داخل الدولة الاردنية من كر وفر ومحاولة تلوين الاشياء، او ليّ ذراع الدولة يبدو انها بدأت بالانحسار او التلاشي وذلك مع بروز تيار واقعي وعقلاني ومعتدل يتوافق مع المصالح العليا للدولة المستند للحفاظ على الامن والاستقرار كنقطة انطلاق وللتوافق والحوار على اسس السياسة الواقعية العملية. ان التيار المتشدد الذي يمثل الصقور في قيادات الاخوان بقي منطويا على ذاته، ولم يستفد من التجارب الحاصلة في الاقليم وخصوصاً التجربة المصرية أو السورية أو الجزائرية أو السعودية الى غير ما ذلك، وعليه فان اوضاع الحركة الاسلامية الاخوانية في الاردن تدفع بسؤال هام: هل نحن امام بوادر انشقاق حقيقي داخل جماعة الاخوان المسلمين في الأردن؟ فهل سنرى قريبا انشقاق حركة الاخوان كما حدث في الجزائر، او غيرها من الدول؟
هذه تساؤلات مشروعة تحتاج لمزيد من التحليل السياسي في ضوء الواقع على الارض في كل من عمان، واربد، وغيرها من المحافظات، في السياسة كل شيء جائز ومحتمل ولننتظر ما تخبئه قادم الأيام.