بالأمس مررت بالدوار الثاني في جبل عمّان فعرَّجت على المقر السابق لصحيفة «اللواء»، حيث عملت في ثمانينيات القرن الماضي عند المرحوم حسن التل لمدة ثلاث سنوات، ولي ذكريات طيبة في المكان. وفي لقائنا للاتفاق على العمل قال لي المرحوم ابو بلال: اكتب ما تشاء لكن بشرط واحد ألّا تمدح جمال عبدالناصر. فقلت: لكنكَ مدحته مرة واحدة، واسمح لي بمرَّة مثلها. وكانت المرَّة الوحيدة التي مدح فيها أبو بلال الرئيس عبدالناصر عندما خضعت الصحافة الأردنية فترة للرقابة المسبقة في سبعينيات القرن الماضي، وفي إحدى المرات حضر المرحوم أمين أبو الشعر من دائرة المطبوعات «كان مقرها قريبا في الدوار الثالث» إلى الجريدة ليراقب افتتاحية «اللواء» فرفض الموافقة عليها، فكتب ابو بلال افتتاحية ثانية وثالثة والرجل يرفض ثم كتب المرحوم ابو بلال الجملة التالية بخط عريض بدل الافتتاحية:
«إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية» جمال عبدالناصر.
وفي طريقي إلى الدوّار الثالث وأمام فندق الأردن تذكرت ما جاء في مذكرات المرحوم د. عبدالرحمن شقير أنه جرى اعتقاله بعد أيام من إعلان الوحدة بين مصر وسورية في شباط 1958 «لأنه شوهد يبتسم أمام فندق الأردن فرحا بالوحدة بين مصر وسورية». وما دمنا أمام فندق الأردن سأروي حكاية صغيرة قبل أن يطول المقال. الجميع لا يريد أن يتذكر حقبة ومرّت في السبعينيات، لكن قد لا يعرف الكثيرون أنه عند احتجاز رهائن بفندق الأردن عام 1976 وتحريرهم كانت الفنانة المصرية «نجاة الصغيرة» نزيلة بالفندق وعندما سمعت إطلاق النار كانت تستحم فخرجت من غرفتها عارية تماما وهي تصيح «فلوسي» حتى وصلت مخفر الأمن في الجهة المقبلة.