قرار وزارة التنمية الاجتماعية بإغلاق عدة جمعيات خيرية في محافظة الزرقاء بعد تلقيها تمويلا اجنبيا من دون موافقة الوزارة أو مخاطبة مجلس الوزراء هو تطبيق للقانون مع أننا ضد فكرة أخذ الموافقة المسبقة للوزارة أو مجلس الوزراء لكنه يبقى قانونا واجب التطبيق حتى يتم تعديله بالطرق الدستورية.
وقد أغرى أنبوب التمويل الأجنبي الكثيرين بفتح جمعيات غير حكومية (NGOs أنجؤز كما يسميها الزميل د. موفق محادين) ومراكز للدراسات السياسية وحرية الصحافيين والإعلاميين تحت مسميات مختلفة يدعي أصحابها أنها شركات لا تهدف للربح (آلو لا تهدف للربح!). والأخطر أن معظم هذه الجمعيات وجد طريقا للإفلات من الرقابة بتسجيل أنفسهم "شركات محدودة المسؤولية" وبالتالي تخضع لمراقبة الشركات وليس الجمعيات العادية وغير العادية.
الأخطر ما كشف عنه الزميل رئيس تحرير "العرب اليوم" (في مقاله الخميس 4 /9/ 2014) عن زيادة الحديث عن التحرش بسبب "مساهمة مالية وصلت لمراكز تتعامل مع التمويل الأجنبي من الاتحاد الاوروبي، إضافة إلى 150 ألف دولار استلمها مركز دراسات جديد من المعهد الديمقراطي الاميركي لتبنّي مقترحات تشريعية جديدة من بينها التحرّش."
أي أن هذه المراكز تقوم بعزف اللحن الذي يطلبه من يدفع أو كالنائحات بالأجرة ويسيل لعاب أصحابها إذا سمعوا صوت الدولار مثل كلاب عالم النفس الروسي المشهور بافلوف حيث كان صوت الجرس يتسبب في إسالة لعاب الكلاب توقعا منها أن الطعام قادم.
"العرب اليوم" كانت نشرت تقريرا للزميل سامي محاسنه (الأربعاء 21 /5/ 2014) بعنوان "70 مليون دينار التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية". كما اظهرت الارقام ان ما حصلت عليه الجمعيات كافة يساوي موازنة وزارة التنمية الاجتماعية حيث حصلت 123 جمعية العام الماضي على نحو 25 مليون دينار كتمويل أجنبي في حين تبلغ موازنة وزارة التنمية 29 مليون دينار، إذ تم استثناء الدعم المقدم لصندوق المعونة الوطنية، (حسب ما ورد في صحيفتي الدستور والسبيل).
وقبل الإسترسال في الموضوع أود الإشارة إلى انقسام النظرة حول هذه المؤسسات؛ فمنهم من يرى أنها تقوم بتنفيذ أجندات خارجية في وقت يدافع آخرون عن دور هذه المنظمات وكلا الرأيين صحيح بنظري؛ فهناك جمعيات ومنظمات تقوم بجهود مباركة وخيرة وتنموية وتعمل بشفافية، إلا أن هناك قلة "ركبت الموجة" وأسست دكاكين استخدمتها كحصان طروادة للإستيلاء على مبالغ خيالية خصصت أصلا لحماية الأطفال والنساء المعنفات والمهمشين وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، فأصبح هؤلاء الضحايا ضحايا مرة أخرى؛ الأولى من المجتمع أو الدولة والثانية ممن إغتنوا على حسابهم وركبوا سيارت رباعية الدفع ذات ثلاثة أو اربعة آلاف سي سي.
ومن يبحث في قاعدة بيانات دائرة مراقبة الشركات على الانترنت سيجد أن أغلب هذه الدكاكين مكونة من صاحبها وزوجته وابنه وبعضها لا يصل رأسمالها المدفوع إلى 500 دينار وتدعي أنها منظمة غير حكومية، مع العلم أن أية عربة تبيع فولًا وبليلة أو ذرة ثمنها أكثر من ذلك! ناهيك عن الأسماء الطنانة الرنانة لهذه المراكز. تماما مثل صاحب مطعم حمص وفول يكتب على آرمة مطعمه (جزء من مجموعة أبو محمود للتجارة الدولية)!
كما أن أغلب هذه الشركات حسب وثائقها المنشورة على موقع مسجل الشركات مملوكة لصاحب الشركة وزوجته وابنه أو أخيه أو أخته وتتلقى تمويلًا أجنبيًا بنصف مليون دولار سنويا وهي شركة تهدف للربح ايضا.
من باب أَوْلى مراقبة هذه الشركات التي تحصل على التمويل باسم المجتمع الأردني وقضاياه مع أن التمويل في أغلبه يصب في النهاية في جيوب أصحابها، وما تسجيلها تحت مسمى شركات لا تهدف إلى الربح أو محدودة المسؤولية سوى العقد القانوني الظاهر لإخفاء عقودها الحقيقية وربما يشكل ذلك خرقا للقانون.