أخبار البلد - بسام البدارين - بعد الآن وبصراحة لا يمكن إدارة المشهد المتعلق بالاخوة اللاجئين السوريين بناء على اعتبارات «عاطفية» فقط، فلا مصلحة لهم ولا لنا في الأردن بالتركيز على الجانب العاطفي في المسألة، في الوقت الذي «تتاجر» فيه بقصة اللجوء السوري جميع او غالبية الأطراف بما في ذلك المعارضة السورية نفسها.
لم أسمع إطلاقا أي مسؤول سوري يتحدث عن اللاجئين في بلاده، أو يخاطبهم، او حتى يزورهم، ويتفقدهم، وسفراء النظام السوري في العواصم المجاورة مهتمون بالتزلف والنفاق و»التشبيح» على الشعوب المستضيفة للاجئين أكثر من إهتمامهم برصد أو مساعدة أو إعادة مواطنيهم.
النظام السوري كعادته في الثأر والانتقام الجماعي اختار وقتا غريبا لإجراء إحصاء جديد للأنفس.
واللاجئ الذي هرب من ويلات النظام وتعسفه وشبيحته وقوته العسكرية المجرمة كما هرب من البراميل المتفجرة ومن قاطعي الرؤوس لن يستطيع تعداد نفسه في الترتيبات الجديدة، مما يهدد وحسب مسؤول صديق لي القيود المدنية لملايين المواطنين السوريين.
المعارضة السورية أيضا لم تتصرف بحكمة، والجرائم البشعة التي ارتكبت باسم الله والسماء والشعب السوري من قبل معارضين قدمت مساهمة غنية في خدمة النظام السوري.
نظام دمشق نجح في تحويل مشكلة اللاجئين بلا رحمة إلى سلاح بشري ضد الدول المجاورة.. تورطنا في الأردن بهذه المسألة.
أخطاء فادحة ارتكبناها ونحن ندير ملف اللاجئين السوريين الذين يبقون بكل الأحوال أشقاء وأهلا ولهم سوابق وأفضال على الأمة برمتها، لكن هذه الأخطاء الحكومية الأردنية المتراكمة لا تقدم في الواقع خدمة منتجة للمواطن السوري في العمق الإستراتيجي، بقدر ما ساعدت نظام دمشق من دون ان تستفيد عمان.
ارتكبت الأخطاء ببساطة وصراحة لاننا «طشنا على شبر ماء» وتسرعنا في فتح الحدود وعرض الخدمات حتى أصبحت خدمات وعوائد اللجوء في الأردن أكثر بكثير من شظف العيش في سورية الحبيبة وفي ظل شبكة من اللصوص والحرامية حكمت هذه البلاد- نقصد سورية- وتسببت بكل ما يجري اليوم.
هذه الأخطاء سببها عدم وجود من يدير الأمور بكفاءة وعمق في الطاقم السياسي التنفيذي الذي راهن بسذاجة على سيناريوهات بعض دول الخليج الصديقة وأظهرنا ونحن دولة عميقة ومجربة وخبيرة وكأننا معرضون للتضليل والخداع.
هاجمنا زميلين على الأقل وبعض النواب لانهم تحدثوا عن «اللجوء الاقتصادي» وخطبنا بهم تحت عناوين عاطفية.. ثبت اليوم أن من حذرونا من البعد الاقتصادي في قصة اللجوء السوري على حق والآخرون كانوا في اتجاه الباطل.
التسرع كان سمة أردنية بامتياز في التعاطي السطحي المراهق مع حدث اللجوء السوري ومن يدفع الثمن الآن هو المواطن الأردني، ومن سيدفعه لاحقا الشعب السوري بالتأكيد. وطريقة عملنا في السياق لم تخدم فكرة او قيمة أو أحدا في الشعبين.
نقول ذلك ونحن نؤمن كأردنيين بأن الأردن كان ومازال وسيبقى حضنا دافئا لكل الأشقاء العرب، لكن؛ بشرط أن يبقى مكان في التزاحم المرعب على هذا الحضن.