ارتفعت اسعار النفط والمعادن في الاسواق الدولية لاعلى مستوى منذ 30 شهرا تحسبا من تداعيات الاحتجاجات الشعبية في عدد من دول المنطقة العربية حيث ولدت ثورة الشباب في مصر مخاوف في الاسواق الدولية من تعطل وصول الامدادات النفطية عبر قناة السويس الى الاسواق الاوروبية ، وجاءت ثورة الليبيين التي اتخذت منحى مأساويا مع احتدام الصراع بين شعب مصمم على تغيير نظام حكمه ورأس نظام متمترس خلف آلة عسكرية صممت للقمع والتنكيل.
وهذه الحركات الشعبية التي قادها شباب في مقتبل العمر تبدأ بمطالبات الاصلاح وصولا الى التغيير الشامل كما حصل في تونس ومصر ثم الى ليبيا واليمن وبدايات في البحرين والجزائر ، وتململ في دول نفطية عربية الامر الذي وضع الاسواق الدولية تحت تأثيرات حذرة ومخاوف حقيقية من نقص الواردات النفطية من منابعها الى الدول الصناعية بخاصة في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية.
وتنذر الحركات الشعبية في دول تؤثر بقوة في السوق النفطية جراء تداعياتها على السوق الدولية ، اذ يمثل مجموع الانتاج النفطي لليبيا والجزائر واليمن اكثر من اربعة ملايين برميل يوميا ، وهذه التداعيات مرشحة لدفع اسعار النفط الى مستويات عالية في وقت يعاني الاقتصاد العالمي من تداعيات الازمة المالية العالمية ويكافح للإفلات منها والسير نحو التعافي.
وفي تحوط طبيعي اتجه المستثمرون ، افرادا وصناديق ومؤسسات الى اسواق القطع بخاصة للذهب الذي تخطى حاجز الـ" "1400 دولار للاونصة وبلغ امس 1413,7 دولار وسط توقعات بارتفاعات جديدة في الاسواق الدولية ، وقابل هذا السلوك الاستثماري انخفاض مؤشرات اسواق الاسهم العالمية والاقليمية ، حيث تظهر اسواق الاسهم حساسية كبيرة تجاه التقلبات السياسية والامنية حول العالم لا سيما حول منابع النفط.
سرعة انتشار الحركات الشعبية في دول المنطقة التي شهدت عقودا وسنوات من الاخفاق في بناء الثقة بين الشعوب والحكومات ، اذ ساهمت ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات في فضح الكثير مما كان مخفيا ومسكوتا عنه خلال الفترة الماضية ، وقدم الفقر والبطالة وانخفاض مستويات المعيشة ونوعية الحياة وقود اضافية لهذه الحركات الشعبية الشبابية الطابع.
اسباب ارتفاع اسعار النفط والمعادن في الاسواق الدولية مرده حالة عدم الاستقرار في عدد من دول المنطقة العربية وليس ناتجا عن طلب حقيقي على النفط والمعادن ، وانه وقتي حسب التطورات السياسية والامنية في المنطقة ، سرعان ما يتراجع الى المستويات الطبيعية ، الا ان حالة ارتفاع الاسعار سترتب تكاليف اضافية على الاقتصاد العالمي ، وستكون الدول الفقيرة والمستوردة للنفط الاكثر عرضة للمعاناة ، وهذا يتطلب نوعا من التعامل مع هذا الملف محليا لجهة تخفيض التكاليف وحماية المواطنين بخاصة الاكثر فقرا في المجتمع.
zubaidy_kh@yahoo.com