اخبار البلد
لم يعد أحد يستطيع السكوت عن ظواهر ما يسمى «جوائز ومبادرات لاختيار شخصية العام « في الاقتصاد والإعلام والسياسة والرياضة والفن وغيرها.. منظمات وجماعات أهلية يتسع مجال نشاطها وعملها، تراهن وتتلاعب يوما بعد آخر.
لا تبدو هذه الظاهرة بالجديدة على مجتمعنا، فهناك مبادرات لمؤسسات وجمعيات عريقة عملت ونشطت في هذا المجال، وكان لها حظ إيجابي في تقدير جهودها الموضوعية والمهنية والعلمية باختيار شخصيات العام من سياسيين وإعلاميين واقتصاديين ورياضيين وفنانين.
ولكن المسألة اليوم يستجدُّ عليها نمط من العبث والمقامرة وعدم المسؤولية، تجلعها محاطة بسيل من الأسئلة الكبرى حول مشروعية منح ألقاب «التميز» لتلك الشخصيات ؟ وما مدى شرعية الشعبية لتلك الاختيارات التي يتم أغلبها على «غفلة « دون استعانة علمية بمعطيات ترصد اتجاهات الرأي العام وتقيس استطلاعات ميوله واختياره لشخصية ما.
ما نطالعه في وسائل الإعلام عن اختيار « فلان « شخصية العام لقطاع ما، يأخذنا الى واقع ملموس يعاني من الفوضى التي تزدحم بالمراهانات والتلاعب باتجاهات الرأي العام ومزاجه وميوله العامة، ولا يتوقف العمل عند هذا الحد، بل ما يثير مزيدا من القلق هو تزايد تلك المبادرات، فكل شهر او شهرين تفاجئك مؤسسة او منظمة اهلية بإعلان قائمة من الفائزين بشخصية العام.
يبدو أكثر أن الاشتغال على هذا المجال أصبح ارضا خصبة للمتاجرة وتحصيل الأرباح، حتى بات متعارفا عليه لـ»وكلاء وسماسرة « يجهدون لإحياء هذه النشاطات والفعاليات لجمع المال وتحصيل الرعايات عبر صناعات وهمية لقادة الرأي العام في قطاعات مختلفة.
من هنا، لا بد من جهد رقابي على هذه النشاطات والفعاليات، حتى لا نغرق أكثر في انتاج أوهام تضلل الراي العام، وتسوف التمييز والإبداع والانجاز الحقيقي والفاعل في خدمة المجتمع، فالأخطر في هذه المسألة انها ترتبط بما يمكن ملامسته عندما يتم خداع الجماهير وصناعة النجومية الشعبية بدوافع توظيف المال ومقومات استغلاله.
من هنا، يتحول الهمس الدائر في الكواليس حول شخصيات وضعت نفسها على خريطة « العمل العام « والاهتمام الشعبي بقوة التضليل والتلاعب باتجاهات ومقاييس الرأي العام الى حقيقة حاضرة و فاعلة، وخصوصا ان هكذا جوائز ونشاطات وفعاليات لاختيار شخصية العام المتميزة لعبت دورها بصناعة ذلك.
علامات استفهام كبرى، لا تقل خطورة مراقبتها وتتبعها عن أي مضمون لقضايا وشبهات فساد اخرى يجول الإعلام والرأي العام بالحديث عنها، لا بد أن يسلط مجهر الرقابة عليها، بعد أن وضعت عدة استفهامات عميقة عن شرعية نشاطها وعملها.